السنة العاشرة ففي وروده شيء من الإشكال؛ لماذا؟ لأن هذا القائل إنما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وإنا قلنا: أن الحج إنما فرض في العاشرة فإنه لا يمكن أن يحج هذا الرجل عن نفسه؛ لماذا؟ لأنه لم يوجد من قبل، ولكن سبق لنا أن القول الراجح أنه مفروض في السنة التاسعة، وبناء على ذلك فإنه يمكن أن يكون هذا الرجل قد حجّ عن نفسه، وهذا مما يرجح القول بأنه فرض في السنة التاسعة، وإلا لم يكن لاستفهام النبي صلى الله عليه وسلم محل ().
وقوله:"من شبرمة؟ " يعني: من شبرمة الذي لبيت عنه؟ هذا الاستفهام يريد به النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف هل هذا الرجل قريب من الملبي أو بعيد، أو يريد أن يعرف هل هو مسلم أو كافر؟ الجواب: قال: "أخ لي أو قريب لي"، فالظاهر الأول؛ لأن هذا الصحابي فهم ذلك، والصحابي أقرب إلى فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم من غيره، وقوله:"أو قريب لي" هذا شك، لكنه لا يؤثر؛ لأن الأخ من القرابة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أحججت عن نفسك؟ " يعني: أديت الفريضة عن نفسك؛ لأن كلمة "عن" تدل على أن الشيء مفروض على الإنسان فيريد أن يؤدي عن نفسه، قال:"لا" يعني: لم أحج، ولكنه بدأ بأخيه لعله كان ميتًا فقدَّمه على نفسه، وقال - كما يقول بعض العامة -: أنا حي والدهر أمامي طويل، ولكن هذا ميت ومفتقر إلى الحج فأحج عنه؟ لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له:"حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة". وفي رواية:"هذه عنك ثم حج عن شبرمة". ورواية:"هذه عنك" أصرح بأن النسك الذي كان هذا الرجل يقول فيه: لبيك عن شبرمة، انقلب عن نفس الملبي قال:"حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة".
* ففي هذا الحديث فوائد:
الأولى: الجهر بالتلبية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمع هذا الرجل يلبي ولا يسمع إلا ما كان جهرًا، وهو كذلك فإن الجهر بالتلبية سنة () - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - لما فيه من إظهار الشعائر.
ومن فوائد الحديث: أن الرجل إذا حج عن غيره فإنه يصرح بذكره فيقول: "لبيك عن فلان"؛ لأن التلبية عند الإطلاق تنصرف إلى نفس الملبى حتى تقيَّد، فيقال:"لبيك عن فلان"، فإذا استنابك رجل أن تؤدي عنه الحج فإنك تقول: لبيك حجًّا عن فلان، وإذا استنابك في العمرة تقول لبيك عمرة عن فلان، وهل تسميه وإن كان امرأة؟ لو كانت امرأة: لبيك عن رقية، عن عائشة؟ نعم، ربما يكون هذا ظاهر الحديث، ولا مانع من أن المرأة يعرف اسمها، ولكن لو