قلت: لبيك عمن أنابتني هل يجوز؟ نعم، والله سبحانه يعلمها، فإذا كنت تستحيي أو تحجل من أن تقول: لبيك عن رقية أو ما أشبه ذلك فلا حرج أن تقول: لبيك عمن أنابتني في الحج، فإن نسيت من وكلك أو نسيت من استنابك فماذا تقول؟ تقول: عمن أنابني، والله تعالى يعلم ذلك.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لطالب العلم أن يسأل في المواضع التي يكون فيها السؤال متجها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل هذا الرجل "من شبرمة؟ "، فإذا رأيت شخصًا يفعل أمرًا تدعو الحاجة إلى السؤال عنه، فإن الأفضل أن تسأل، لا يقال: أن هذا من باب سؤال الإنسان عما لا يعنيه، لأن العالم يعنيه أحوال العباد حتى يعلمهم مما علمه الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز أن يحج الإنسان عن غيره مع قدرته عن الحج عن نفسه إذا لم يحج عن نفسه، الدليل "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة"، فإن كان لا يلزمه الحج كرجل فقير أعطاه شخص مالًا يحج به عنه فهل يجوز أن يحج؟ الجواب: نعم، لأن هذا الرجل لا يجب عليه الحج، والله عز وجل يقول:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}[آل عمران: ٩٧]. وهذا الرجل الآن لا يستطيع إليه سبيلًا؛ لأنه ليس عنده مال فيجوز أن يحج عن غيره.
ومن فوائد الحديث: أن الحج يمتاز عن غيره بجواز تغيير النية وجواز الإبهام فيه، فهذا الرجل كان أول ما حج عن شبرمة، ثم نواه عن نفسه في أثناء العبادة، ومثل هذا لا يمكن أن يكون في العبادات الأخرى لكن هذا خاص بالحج، كذلك نجد الرجل يحرم بالحج ثم يقلبه إلى العمرة ليصير متمتعًا، يحرم بالعمرة أولًا ثم يضيق عليه الوقت فيدخل الحج عليها فيصير قارنا لا بأس، كما أن الحج يخالف غيره في النية بأنه لو نوى الخروج منه لم يخرج منه واحد، الآن محرم بالحج لما رأى التعب قال: أشهدكم يا جماعة أني فسخت الحج، فهل ينفسخ حجه؟ لا، بينما العبادات الأخرى تتفسخ، إذا فعل محرمًا في العبادات الأخرى يبطلها كما لو أكل أو شرب أو تكلم في الصلاة، لكن في الحج المحظورات فيه لا تبطله، الجماع قبل التحلل يفسده ولا يبطله؛ ولهذا يجب المضي فيه وقضاؤه من السنة الأخرى بخلاف غيره من العبادات، فالمهم: أن الحج له أحوال يخالف غيره يقتصر فيها على ما ورد.
ومن فوائد الحديث: حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سأله قبل أن ينكر عليه، ثم دله على الهدى حين عرف أنه أخطأ.
هل يستفاد من الحديث: أن من أحرم بنسك عن شخص ثم تبين أنه يجب أن يقدم نفسه فإنه يلزمه أن يحج عن هذا الشخص الذي أحرم بنسكه، لأنه التزمه له بإحرامه، أو تقول: أن قوله: ثم حج عن شبرمة، من باب الإباحة؛ لأنه إنما ذكر له الممنوع ثم ذكر له الجائز؟ فيه احتمال، يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوجب عليه أن يحج عن شبرمة؛ لأنه تلبس بالنسك عنه فوجب