للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتداء الإحرام ثم أدخل العمرة عليه، وهذا ينطبق تمامًا على قول من يقول بجواز إدخال العمرة على الحج، أما من لم يقل بذلك فإنهم لا يقرون هذا الجواب.

ذكرنا أن الأنساك الثلاثة كلها جائزة إلى يومنا هذا.

فإن قلت: كيف تجيب عن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها عمرة وغضبه حين لم يبادروا بذلك؟

قلنا الجواب على ذلك: ما جاء في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سئل عن المتعة أهي عامة أم خاصة؟ قال: "بل هي لنا خاصة" قال شيخ الإسلام: أي أن وجوبها خاص في الصحابة؛ لأنهم لو امتنعوا وصمموا على الامتناع لكان في ذلك مجابهة مع الرسول صلى الله عليه وسلم ثم حد لمنع هذا التمتع؛ لأنهم لو لم يفعلوا ما فعل الناس فهم أسوة لهم، فلما كان هم الأسوة وكان في امتناعهم مجابهة ومنع للتمتع أو لفسخ الحج لا للتمتع كان غضب الرسول صلى الله عليه وسلم شديدًا كيف يحابيهم ليسن هذه الطريقة لأمته ثم يمتنعون، فالغضب هنا ليس لأن هذا واجب من حيث هو واجب، فغضبه لأنهم تهاونوا في تنفيذ أمره، والفرق بينهم وبين غيرهم ظاهر؛ ولهذا صح عن أبي بكر وعمر وعثمان وأعلام الصحابة -رضي الله عنهم- أن الأنساك الثلاثة كلها جائزة، وتكاد الأمة تجمع على ذلك إلا نفرًا قليلًا من الصحابة ومن بعدهم لا يساوون ولا يسامون من قالوا بالجواز.

من فوائد الحديث أولًا: أن الناس مخيرون في الإحرام بين هذه الوجوه الثلاثة، ووجه الدلالة من هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على ذلك، ثانيًا: أنه ليس هناك أوجه للإحرام سوى ما جاءت به السنة، فلو أراد الإنسان أن يأتي بأوجه سوى ما جاءت به السنة لكان ذلك باطلًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".

ومن فوائد الحديث: السعة في الأمور الجائزة، وأنه إذا كانت الأمور كلها جائزة فلا ينبغي أن يعيب أحد على أحد، ومثله حديث أنس حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمنا الملبي، ومنا المكبر، ومنا المهلل، ومنها أيضًا أحاديث الصيام أنهم كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم هذا صائم وهذا مفطر، ولا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.

ومن فوائد الحديث: أن المتمتع يحل من عمرته إذا قدم، وأنه ينبغي المبادرة بأداء العمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>