يستفاد من هذين الحديثين: أنه يسن رفع الصوت بالإهلال، يعني: التلبية.
٦٩٥ - وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل". رواه الترمذي وحسنه.
"تجرد" يعني: من لباسه، و"اغتسل" وهذا الاغتسال مشروع، يغتسل الإنسان عند الإحرام كما يغتسل للجنابة، وهو سنة مؤكدة للرجال والنساء، حتى الحيض وذوات النفاس يسن لهن أن يغتسلن فإن لم يجد الماء أو تعذر عليه استعماله لمرض فهل يتيمم؟ المشهور عند أهل العلم أنه يتيمم قالوا: لأن هذه طهارة مشروعة، فإذا تعذرت عدلنا إلى التيمم كالاغتسال الواجب، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يسن التيمم؛ لأن هذا اغتسال ليس عن جنابة حتى يحتاج الإنسان فيه إلى رفع الحدث إنما هو اغتسال للتنظف والتنشط لهذا العمل، فإذا لم يجد الماء فإنه لا يتيمم، وعلى كل حال: إن يتمم الإنسان احتياطًا فلا بأس، لأنه قال به بعض العلماء.
من محظورات الإحرام:
٦٩٦ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا شيئًا من الثياب مسه الزعفران ولا الورس". متفق عليه، واللفظ لمسلم.
"سئل" أي: سأله سائل، وكان هذا السؤال وقع وهو في المدينة قبل أن يخرج إلى الحج، لأنه خرج إلى الحج يوم السبت وقد خطب صلى الله عليه وسلم الناس يوم الجمعة وبين لهم ما يصنعون عند الإحرام.
فسأله سئل:"ما يلبس المحرم"، و"ما" هنا استفهامية، يعني: أي شيء يلبسه؟ فقال:"لا يلبس القميص"، والجواب في ظاهره مخالف لصيغة السؤال، لأن السؤال عما يلبس، والجواب عما لا يلبس، لو كان السؤال ما الذي لا يلبسه المحرم فقال: لا يلبس القميص صار الجواب مطابقًا للسؤال في صيغته، لكن السؤال عما يلبس فأجيب بما لا يلبس، فنقول إن الجواب وإن خالف السؤال في صيغته لكنه موافق له في المعنى؛ لأن حصر ما لا يلبس يفيد ما يلبس، كأنه قال: يلبس ما سوى ذلك، لكنه ذكر ما لا يلبس، لأنه أقل من الذي يلبس، فالذي يلبس واسع، كل شيء يلبسه إلا هذه الخمسة، وعلى هذا فيكون الجواب مطابقًا للسؤال مع الاختصار، ووجه المطابقة: أن من علم ما لا يلبس فقد علم ما يلبس وهو ما عداه.