وقول المؤلف:"ودخول مكة" يعني: كيف يدخل مكة؟ ومن أين يدخل مكة؟ ومتى يدخل مكة؟ ثلاثة أشياء: ثم بدأ المؤلف بحديث جابر الطويل المشهور في صفة الحج الذي جعله بعض العلماء عمدة صفة الحج وجعله منسكًا كاملًأ؛ لأن جابرًا رضي الله عنه ضبط حج الرسول صلى الله عليه وسلم من أوله إلى آخره، فذكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بقي في المدينة عشر سنين لم يحج، وأذن في الناس في العاشرة، إذن بهم أنه حاج، قال: فقدم المدينة بشر كثير يشهدون حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذون أحكامه من الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة حتى قدروا بمائة ألف من مائة وأربع وعشرين ألفًا كل الصحابة، يعني: يمثل خمس أسداس المسلمين تقريبًا حتى كانوا -كما قال جابر- بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفه وعن يمينه وعن شماله مد البصر، عالم عظيم يريدون أن يأخذوا من إمامهم -صلوات الله وسلامه عليه- كيف يعبدون الله عز وجل بهذا النسك العظيم، خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة وقد بقى خمسة أيام من ذي القعدة خرج في الخامس والعشرين في يوم السبت بعد أن أذن الناس في خطبة الجمعة كيف يحرمون، وسئل: ماذا يلبس المحرم؟ وأوضح للناس مبادئ النسك وبقي في ذي الحليفة صلى الله عليه وسلم وبات بها، وفي اليوم التالي اغتسل ولبس إحرامه ثم أحرم، والمؤلف رحمه الله اختصر الحديث اختصارًا تامًا ولم يأت منه إلا ما يتعلق بالحج.
٧٠٧ - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج، فخرجتا معه، حتى إذا أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، فقال: اغتسلي واستثفري بثوب، وأحرمي، وصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء حتَّى إذا استوت به على البيداء أهل بالتَّوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك، لا شريك لك. حتَّى إذا أتينا البيت استلم الرُّكن، فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم أتى مقام إبراهيم فصلَّى، ورجع إلى الرُّكن فاستلمه، ثمَّ خرج من الباب إلى الصَّفا، فلمَّا دنا من الصَّفا قرأ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[البقرة: ١٥٨]. أبدءوا بما بدأ الله به فريقي الصَّفا، حتَّى رأى الببيت، فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبَّره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كلِّ شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثمَّ دعا بين ذلك ثلاث مرَّات، ثمَّ نزل من الصَّفا إلى المروة، ففعل على المروة حتَّى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي سعى حتَّى إذا صعد سعى إلى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصَّفا ... ". وذكر الحديث، وفيه: "فلما كان يوم التَّروية توجَّهوا إلى منى، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى بها الظُّفر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر،