للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم مكث قليلاً حتَّى طلعت الشَّمس، فأجاز حتَّى أتى عرفة، فوجد القبَّة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتَّى إذا زالت الشَّمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب النَّاس، ثمَّ أذَّن ثمَّ أقام، فصلَّى الظُّهر، ثم أقام فصلَّى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيءًا، ثمَّ ركب حتَّى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصَّخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتَّى غربت الشَّمس، وذهبت الصُّفرة قليلاً، حتَّى إذا غاب القرص، دفع، وقد شنق للقصواء الزِّمام حتَّى إنَّ رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيُّها النَّاس، السَّكينة، السَّكينة، وكلَّما أتى جبلاً أرخى لها قليلاً حتَّى تصعد، حتَّى أتى المزدلفة، فصلَّى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يسبِّح بينهما شيئًا، ثمَّ اضطجع حتَّى طلع الفجر، فصلَّى الفجر حين تبيَّن له الصبح بأذانٍ وإقامةٍ ثمَّ ركب حتَّى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا، وكبَّر، وهلَّل، فلم يزل واقفًا حتَّى أسفر جدُّا، فدفع قبل أن تطلع الشَّمس، حتَّى أتى بطن محسِّر فحرَّك قليلاً، ثمَّ سلك الطَّريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتَّى الجمرة الَّتي عند الشَّجرة، فرماها بسبع حصبات، يكبِّر مع كلِّ حصاةٍ منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثمَّ انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلَّى بمكَّة الظُّهر". رواه مسلم مطولاً.

قوله: "حتى إذا أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء"، أتى بكلمة فاء؛ لأنها معطوفة على جملة هي جواب الشرط، يعني: حتى إذا أتينا ذا الحليفة نزل وصار كذا وكذا فولدت، و"ذو الحليفة" هي مهل أهل المدينة، وتعرف الآن بأبيار على، "وأسماء بنت عميس" هي زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولدت محمد بن أبي بكر، فأرست إلى النبي ماذا تصنع، ومن شرط صحة الطهارة عن موجب للطهارة أن ينقطع ذلك الموجب، ولهذا لا يصح التوضؤ عن البول والإنسان يبول ولا يصح التوضؤ عن لحم الإبل والإنسان يأكل اللحم، فالطهارة عن موجب لها لا تصح إلا بعد انقطاع الموجب؛ إذن فالغسل الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أسماء للإحرام.

قال: "واستثفري بثوب وأحرمي"، كيف تصنع من الآن إلى انقطاع النسك أو كيف؟ ولهذا لم يبين لها النبي صلى الله عليه وسلم كيف تصنع في المستقبل، لم يقل لها كما قال لعائشة: "افعلي كما يفعل الحاج غير ألاَّ تطوفي بالبيت"؛ لأنها تريد حل المشكلة الحاضرة، وبه نعرف خطأ ابن حزم رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>