ويتعين هذا؛ لأن الذين حلوا ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه لما كان عشية يوم التروية امرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا، فلما قضوا المناسك طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، هكذا جاء في صحيح البخاري في حديث ابن عباس قال:"طافوا بالبيت وبالصفا والمروة"، وهو صريح في أنهم طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، وكذلك ثبت في الصحيح من حديث عائشة أن الذين أحرموا بالعمرة طافوا بالصفا والمروة مرتين، وما دام عندنا حديثان صحيحان صريحان في أن المتمتع يطوف ويسعى مرتين فإن حديث جابر يتعين أن يحمل على الذين لم يحلوا، وبهذا نعرف أن ما ذهب إليه جماعة من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في أن المتمتع يكفيه سعي واحد أنه قول ضعيف، ويتبين لنا أيضًا أن الإنسان مهما بلغ من العلم والفهم فإنه لا يسلم من الخطأ؛ لأنه لا معصوم إلا من عصم الله عز وجل، والإنسان يخطئ ويصيب، وحديث ابن عباس وعائشة كلاهما في البخاري، ومثل هذا لا يخفى على شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه رحمه الله من حفاظ الحديث، حتى قال بعضهم: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث، لكن الإنسان بشر فالصواب بلا شك أن المتمتع يلزمه طوافان وسعيان، والقياس يقتضي ذلك؛ لأن العمرة انفردت وفصل بينهما وبين الحج حلُّ كامل وأحرم الإنسان بالحج إحرامًا جديدًا.
٧٠٨ - وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه:"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته في حجٍّ أو عمرة سأل الله رضوانه والجنَّة واستعاذ برحمته من النَّار". رواه الشافعي بإسناد ضعيف.
إذا كان بإسناد ضعيف فلا يكون ذلك سنة، بل يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا سأل الله الجنة واستعاذ به من النار لا معتقدًا أنه سنّة فلا بأس.
٧٠٩ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحرت ها هنا، ومنى كلُّها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا وعرقة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف". رواه مسلم.
هذا من تيسير الله عز وجل أن الرسول نحر في مكان معين، ولكن قال للناس:"منى كلها منحر"، انحروا في أي مكان منها، وكذلك الوقوف في عرفة وفي مزدلفة، وهذا من يسر الشريعة