للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، وهذه الخطبة لتعليمهم الرمي في ذلك اليوم، لأن الرمي في ذلك اليوم يختلف عن الرمي في اليوم الذي قبله، الرمي في اليوم الذي قبله فيه رمي جمرة واحدة فقط وهي جمرة العقبة، وهذا فيه رمي الجمرات الثلاث فيحتاج الناس إلى تفهيمهم الشرع في هذا، وربما تكون مسائل أخرى تدعو الحاجة إلى ذكرها فيشير إليها الخطيب، ففيه أيضًا هذه الخطبة الثانية في منى يوم العيد واليوم الثاني، واليوم الذي بعده يسمى يوم النّفر الأول، والثالث يسمى يوم النفر الثاني.

وقوله: "أليس هذا أوسط أيام التشريق؟ " قال بعض العلماء: يؤخذ من هذا الحديث: أن يوم العيد يدخل في أيام التشريق، ولكن هذا من باب التغلبيب، وإلا فإن أيام التشريق يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.

٧٣٩ - وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "طوافك بالبيت وبين الصَّفا والمروة يكفيك لحجِّك وعمرتك". رواه مسلم.

عائشة رضي الله عنها كانت أحرمت بالعمرة من ذي الحليفة، فلما وصلت سرف حاضت، فدخل عليها النبي صلى عليه وسلم وهي تبكي فقال: "ما شأنك لعلك نفست؟ " قالت: نعم، فقال لها مسليًا لها: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم"، ثم قال: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن تطوفي بالبيت"، وفي موطأ مالك: "ولا بين الصفا والمروة"، وهذا وإن لم يذكر فقد صحّ في البخاري وغيره أنها حين طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة، وهذا دليل على أنها لم تسع بين الصفا والمروة، وعلى كل حال قال لها هذا وبقيت تفعل ما يفعل الحاج ولم تطف بالبيت، ولما كان يوم عرفة طهرت من الحيض، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وأن تدع العمرة؛ يعني: لا تعتمر؛ لأنه فات وقتها، وأن تجعلها حجة، فأحرمت بالحج، وهل أمره أن تدع العمرة أن تدعها بالنية والفعل أو بالحكم والفعل؟ الجواب: لا؛ لأن هذا الحديث الذي معناه يدل على أنها أدخلت الحج على العمرة، فكانت قارنة فلما طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن تعتمر فقال لها: "طوافك بالبيت وبالصفا والمرة يسعك - يعني: يكفيك - لحجك وعمرتك"، ولكنها ألحت على النبي صلى الله عليه وسلم حتى قالت: "لا يمكن أن يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج"، فلما رآها قد ألحت، وكان صلى الله عليه وسلم يحب أن يجبر الخاطر فيما لا يخالف الشرع، فأذن لها أن تعتمر، وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن يخرج بها إلى التنعيم لتحريم بالعمرة ففعل، وكان ذلك في الليلة الرابعة عشرة بعد انتهاء أيام التشريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>