للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزد؛ ولأن في زيادته على هذه الأطوفة الثلاثة تضييقًا على الناسكين بعمرة أو حج من دون أن يكون مضطرًا إلى ذلك، أما لو كان مضطرًا كما لو كان معتمرًا أو حاجًا فالأمر واضح، إذن متى رمل؟ في طواف القدوم، قال:

٧٤١ - وعن أنس رضي الله عنه: "أنَّ النبيَّ صلَّى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، ثمَّ رقد رقدةً بالمحصَّب، ثمَّ ركب إلى البيت فطاف به". رواه البخاريُّ.

رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر - لأنه تأخر لما رماها -كان يرميها بعد الزوال وقبل صلاة الظهر نزل من منًى؛ لأن منى أول ما يفعل فيها الرمي وآخر ما يفعل الرمي؛ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم وهو على بعيره رمى الجمرة وفي آخر يوم كذلك رمى الجمرة، ثم ركب وارتحل، ولم يبق بعد رمي الجمرات، فارتحل وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصَّب، المحصَّب، يعني: المكان الذي كثرت فيه الحصباء هو الشِّعب الذي يفيض على الأبطح الآن أظن فيه مقر إمارة، وصار الآن عمارات وفلل لا يمكن المبيت فيه إطلاقًا، ولهذا القول بأن التحصيب سنة أصبح الآن غير وارد؛ لأنه لا يمكن، على كل حال: النبي صلى الله عليه وسلم رقد ثم ركب في آخر الليل ونزل إلى البيت وطاف طواف الوداع وصلى الصبح، ثم ركب إلى المدينة صبح اليوم الرابع عشر، وكانت أم سلمة رضي الله عنها استأذنته أو استفتته في طواف الوداع وقالت: إنها مريضة، فقال: "طوفي من رواء الناس وأنت راكبة"، قالت: فسمعتها يقرأ في صلاة الفجر في ذلك اليوم: {والطور (١) وكتاب مسطور} [الطور: ١، ٢]. الشاهد من هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم نزل في هذا المكان وصلى فيه أربعة أوقات والخامس في المسجد الحرام.

٧٤٢ - وعن عائشة رضي الله عنها: "أنها لم تكن تفعل ذلك؛ أي: النُّزول بالأبطح وتقول: إنَّما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأَّنه كان منزلًا أسمح لخروجه". رواه مسلم.

أعقب المؤلف حديث ابن عباس بهذا الحديث ليبين أن نزول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك المكان ليس على سبيل التعبد بل هو أسمح للخروج وأيسر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما انتهى من منى وكان يجب أن يمشي في أول النهار فأين يذهب؟ إذا كان انتهى من منى قبل الظهر وهو يريد أن يسافر إلى المدينة في أول النهار لم يبق إلا أن ينزل في هذا المكان ليستريح وينام ما شاء الله تعالى أن ينام، ثم بعد ذلك يرتحل، فعائشة تقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك تعبدًا وإنما فعله لأنه أسمح لخروجه، ولهذا كانت لا تفعله رضي الله عنها، وبعض العلماء يقول: بل فعله تعبدًا، فيكون النزول في هذا المكان سنة، فالعلماء اختلفوا في هذا، ولكن إذا جاء مثل هذا الخلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>