للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليعلى بن أمية: "اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك"، وهذا عام يخرج منه ما لا يفعل في العمرة بالإجماع مثل الطواف، والمبيت، والرمي، والوقوف، وطواف الإفاضة، بل نقول: الطواف لا يخرج؛ لأن العمرة فيها طواف، ونقول: إن المعتمر دخل إلى البيت بتحية - وهذه من باب القياس - فلا يخرج منه إلا بتحية، رابعًا: إن هذا أحوط - أي: الطواف - لأنك إذا طفت لم يقل أحد: لم طفت؟ وإن لم تطف قال الموجبون: لماذا لا تطوف، وما كان أحوط فهو أولى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، وقوله: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، لكن مع هذا ليس وجوبه في العمرة كوجوبه في الحج، من أجل الخلاف فقط، وإلا فالأدلة تدل على الوجوب.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجب أن يكون الوداع آخر عهد الإنسان؛ لقوله: "آخر عهدهم"، ولكن إذا بقي الإنسان بعد الطواف للصلاة أو اشترى حاجة في طريقه أو تغدى أو تعشى أو ما أشبه ذلك من الأشياء الخفيفة، فإن هذا لا يضر؛ لأنه سبق لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الفجر بعد طواف الوداع، فهذه المسائل اليسيرة لا تضر إلا إذا كان المقصود به الاتجار، يعني: أنه اشترى شيئًا للتجارة، فإن العلماء يقولون: إذا اشترى شيئًا للتجارة فعليه إعادة الطواف.

ومن فوائد الحديث: سقوط طواف الوداع عن الحائض لقوله: "خفف عن الحائض"، الحائض لا يجب عليها الطواف لعذر شرعي أو حسي، فقد تكون قادرة، فهل يلحق بالعذر الشرعي العذر الحسي كما لو كان الإنسان مريضًا؟ الجواب: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سلمة لما قالت: إنها مريضة: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة"، فلم يسقطه عنها للمرض، فما دام هذا الإنسان عاجزًا نقول: يحمل، لكن لو فرض أنه لا يمكن حمله؛ يعني: مرض مرضًا مدنفًا لا يقدر فهنا قد نقول بالسقوط؛ لأن هذا عذر لا يمكن معه الفعل كالحيض بخلاف العذر الذي يمكن معه الفعل كالمرض الخفيف الذي يمكن أن يحمل الإنسان فيه فهذا لا يسقط.

ومن فوائد الحديث: تحريم جلوس الحائض في المسجد؛ لأن العلة من منع الحائض من الطواف المكث في المسجد، والطواف مكث، فلا يحل لها أن تمكث في المسجد حتى لو كان للدرس أو للموعظة أو ما أشبه ذلك، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه ولسم النساء أن يخرجن لصلاة العيد وأمر الحيض أن يعتزلن المصلَّى.

ومن فوائد الحديث: رحمة الله - سبحانه وتعالى - بعباده؛ حيث خفف عن الحائض فلم يلزمها أن تبقى كما تبقى المرأة التي لم تطف طواف الإفاضة، بل تستمر في سفرها وليس عليها شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>