مثل "فأحلني"، والأمر عند توهم المنع يفيد الإباحة فقط وأنه لا يعني أنه بمجرد ما يحصل المانع يحل الإنسان بل هو بالخيار إن شاء مضى وإن شاء حلّ.
إذن ما الفائدة من الاشتراط؟ الفائدة: أنه يحل مجانًا ليس عليه هدي ولا قضاء ولا حلق ولا تقصير إن كان امرأة، لكن لو لم يفعل ذلك لكان حكمه ما سبق.
هل يؤخذ من هذا الحديث: ترجيح قول من يقول: إن الإحصار عام؟ نعم قد يؤخذ منه ترجيح قول من يقول: إن الإحصار عام في كل مانع لقوله: "إن حبسني حابس"، وهي إنما شكت المرض لم تشكو غيره.
٧٤٧ - وعن عكرمة، عن الحجَّاج بن عمرو الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كسر أو عرج؛ فقد حلَّ وعليه الحجُّ من قابل، قال عكرمة. فسألت ابن عبَّاس وأبا هريرة عن ذلك؟ فقالا: صدق". رواه الخمسة، وحسَّنه التِّرمذيُّ.
قال:"من كسر أو عرج"، كسر في يده أو رجله أو أي عضو من أعضائه الذي يمنعه من إتمام النُّسك، أو عرج هذا في الرَّجل أصابه مرض في رجله وصار أعرج لا يستطيع المشي فماذا يصنع؟ قال:"فقد حلّ وعليه الحج من قابل""فقد حل" تحتمل هذه الجملة معنيين: المعنى الأول: فقد جاز له الحلّ، والمعنى الثاني: فقد حلّ فعلًا، ونظير هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم". هل المراد: فقد حلّ له الفطر أو قد أفطر فعلًا؟ فقد حلّ له الفطر هذا أحد القولين، القول الثاني: فقد أفطر حكمًا يعني: انتهى صومه، هنا "فقد حلّ" تحتمل معنيين المعنى الأول: "فقد حلّ" أي: فقد جاز له الإحلال من نسكه، والثاني:"فقد حلّ" أي: تحلل، سواء كان مختارًا للحل أم لا.
قال:"وعليه الحج من قابل"، لماذا؟ لأنه محرم بالحج فلزمه الحج، قال عكرمة: فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق.
هذا الحديث - كما نشاهد - من باب الإحصار وليس من باب الفوات.
فيستفاد منه: أن الإحصار يحصل بغير العدو؛ لأن الكسر والعرج ليس عدوًّا.
ويستفاد منه أيضًا: أنه إذا حصل ذلك جاز للإنسان أن يتحلل، فماذا يصنع؟ يذبح هديًا ويحلق رأسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحلق الرأس، والله في القرآن أمر بالهدي:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}[البقرة: ١٩٦]. ويذهب إلى أهله كما رجع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية إلى المدينة بدون اعتمار.