الأصنام ما أحلت بأي شريعة كانت، كل الشرائع تحارب الشرك، ليس هناك شريعة أنزلها الله عزَّ وجل تبيح الأصنام، فإن اشتريت الأصنام لتكسر وينتفع بموادها فظاهر الحديث أن ذلك حرام، ويحتمل أنه ليس بحرام؛ لأنه ليس المقصود من الشراء هنا شيئًا محرمًا؛ إنما المقصود شيئًا مباحًا، ومثل ذلك لو اشتراها ليتلفها فإن هذا لا بأس به بشرط أن يعلن ذلك حتى لا يظن أحدٌ أنه اشتراها من أجل الانتفاع بها على وجه محرم، إذن يستثنى من الأصنام شيئان: الشيء الأول: إذا كانت مادتها ينتفع فاشتراها ليكسرها وينتفع بمادتها كما لو كانت من حديد أو خشب يصلح أن يكون ألواحًا أو أبوابًا أو ما أشبه ذلك.
ثانيًا: إذا اشتراها ليتلفها يعني: هو لا ينتفع بمادتها لكن اشتراها ليتلفها فهذا لا بأس به، بشرط أن يبين ذلك ويظهره لئلا يتخذ ذريعة إلى جواز بيعها، ويقاس على ذلك.
من فوائد الحديث أيضًا: أنه يحرم بيع الكتب المضلة الداعية للبدع أيًّا كانت إلا إذا اشتراها ليعرف ما فيها من بدع ثم يرد عليها، فهذا لا بأس به إذا كان لا يتوصل إلى ذلك إلا بالشراء، كما لو اشترى الأصنام من أجل إتلافها ولا يتوصل إلى إتلافها إلا بذلك، ويقاس على ما سبق من بيع الخمر والأصنام، أيضا لا يجوز شراء الكتب المدمرة للأخلاق مثل المجلات والصحف التي تشتمل على صور خليعة مغرية مفسدة للأخلاق، فإن شراءها لا يجوز وبيعها حرام، فإن اشتراها لإتلافها ولا يتمكن من إتلافها إلا عن طريق الشراء فلا بأس؛ لأن هذا لا يقصد به اقتناؤها، وإنما يقصد به إتلافها وإزالتها، وكل شيء ذكرناه من الأصنام وغيرها مما قلنا يجوز شراؤه لإتلافه وهذا إذا لم يتمكن من إتلافه بغير الشراء، فإن تمكن فإن شراءها إضاعة مال ولا يجوز له أن يشتريها في هذه الحال.
ومن فوائد الحديث: حماية الإسلام للعقول والأبدان والأخلاق والأديان والأموال والفرد والمجتمع والفطر؛ لأن كل هذا تفسد ما ذكر، فإذا حرم الشارع بيعها فإنما ذلك لحماية هذه الأمور التي لا بد للمجتمع من حمايتها.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز تأجير المحلات لمن يبيعون هذه الأشياء، من أين يؤخذ؟ من أن الإعانة على المحرم حرام؛ لقوله تعالى:{ولا تعاونوا على الإثم والعدان}[المائدة: ٢]. فلا يجوز أن يؤجر الإنسان بيته لبائع الخمر أو لبائع الخنزير أو لبائع الأصنام أو لبائع المجلات الخليعة أو لبائع الكتب المنحرفة، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان.
ومن فوائد الحديث: فقه الصحابة -رضي الله عنهم- وذلك من قولهم:"أرأيت شحوم الميتة؟ ... إلخ"، وجه ذلك: أنهم أرادوا أن يجعلوا من الانتفاع بهذه الأشياء -هذا الانتفاع المباح- سببًا لحل بيعها؛ لأنه يتوصل بيعها إلى شيء مباح وهو طلي السفن ودهن الجلود والاستصباح.