ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: جواز التدبير وهو الإعتاق بعد الموت؛ لأن الرجل فعله في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.
ومنها أيضًا: أنه إذا كان عليه دين -أي: على السيد- فإنه لا ينفذ التدبير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم باع العبد وقضى دينه.
ومنها: أهمية الدَّين، وأنه يقدم على العتق، فلو أن رجلًا كان عنده عبد وعليه دين بمقدار ثمنه وقال: أيهما أفضل لي أن أعتق العبد أو أقضي الدين؟ قلنا: قضاء الدين أفضل، وبهذا فضّل النبي صلى الله عليه وسلم العتق من أجل قضاء الدين.
ومنها: أنه قد يكون فيه دليل لما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن تصرف المفلس ليس بنافذ وإن لم يفلّس؛ يعني: أن الذي عليه دين يستغرق ماله لا يصح أن يتصرف في ماله أو يتبرع كصدقة وعتق وغيره سواء حجر عليه أم لم يحجر، وهذا لا شك أنه قول قوي؛ لأن ماله قد تعلق به حق الغير، ولأنه ليس من الحكمة أن تذهب لتفعل الشيء المستحب وتدع الشيء الواجب، ولهذا تجد بعض الناس الآن مساكين عليهم ديون ويتصدقون ويعزمون الناس، ويدعون وتجده كما يقول العامة:"تجد السُّفرة ما تطوى" هذا خطأ ليس من الحكمة ولا من الشرع، الحكمة: أنك تبدأ بالواجب، أحيانًا يقول: أنا أتصدق بعشرة ريالات والذي عليّ مليون، ماذا نقول؟ نقول: أنت إذا أوفيت من دينك عشرة ريالات صار عليك مليون إلا عشرة، فمليون إلا عشرة أحسن من مليون، ولهذا لم يوجب حتى الحج وهو ركن من أركان الإسلام لم يوجبه الله -سبحانه وتعالى- مع الدّين، وهذه المسألة أنا أود منكم أن تبثوها في العامة؛ لأنه يوجد الآن من العامة من هو مدين، وإذا رأى التبرعات لأعمال خيرية ذهب يتبرع يتعرض للناس في مسألة الدعوات يسموه هذا عشاء وهذا غذاء وهذا طهي وما أشبه ذلك فإذا نبه الناس على هذا الأمر وبيِّن لهم خطر الدين لعلهم يهتدون.
ومن فوائد الحديث: أن للإمام أن يبيع مال صاحب الدين ليقضي دينه، وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم باعه -أي: المدبر- ولم يرجع إلى الورثة، باعه وقضى الدَّين.
وعلى هذا فيجوز للحاكم الشرعي أن يبيع مال المدين ويوفي دينه، فإن كان الدين من جنس المال فإنه لا يحتاج إلى بيع المال؛ لأنه ربما يبيعه فينكر، وإن كان الدين من جنسه فيقضيه منه، لماذا جعل المؤلف رحمه الله هذا الحديث في هذا البيت؟ لنستفيد منه جواز بيع المدبر إذا كان على صاحبه دين.