أبوابها، لكن إذا جاءنا الخبر عن الصادق المصدوق فما موقفنا؟ أن نصدق به أكثر مما نصدق ما نشاهده بأعيننا؛ لأن العين قد تخطئ وخبر النبي - عليه الصلاة والسلام- لا يخطئ، وعلينا أن نؤمن بهذا الأمر الغيبي، وأن الإنسان إذا تطهر وأسبغ الوضوء وقال: هذا فتحت له أبواب الجنة، فماذا يترتب على فتحها؟ يترتب على فتحها له أن الله ييسر له جميع الأعمال التي بها يدخل هذه الأبواب، وتعرفون أن أبواب الجنة منها باب للصلاة، وباب للصيام، وباب للصدقة، وباب للجهاد كما جاء في الحديث، فيكون مضمون هذا أن الله تعالى ييسر لهذا المتوضئ الذي أكمل وضوءه بالتوحيد، وهي طهارة القلب، ييسر له الأعمال التي يدخل بها من أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء.
أخرجه مسلم، والترمذي، وزاد- يعني: الترمذي-: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين": "اللهم" يعني: يا الله، "واجعلني" أي: سيرني من التوابين، الذين يريدون التوبة من كل ذنب وفعل فعلوه، "واجعلني من المتطهرين" الذين تطهروا بأبدانهم وقلوبهم، وهذا مأخوذ من قول الله - تبارك وتعالى-: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يجب التوبين ويجب المتطهرين}[البقرة: ٢٢٢]. فإذا جعلك الله من التوابين المتطهرين فإنك تنال بذلك محبة الله.
من فوائد حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الحث على إسباغ الوضوء؛ لما يترتب عليه من الفضيلة إذا ذكر الذكر من بعده لقوله:"ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء".
ومنها: أنه لابد لحصول الثواب من الإسلام فننظر هل هذه الفائدة واضحة؟ يمكن أن تؤخذ من قوله:"ما منكم من أحد" والخطاب للمؤمنين، غير المؤمن لو توضأ وأحسن الوضوء فإنه لا يحصل له ذلك، بل ولا يقبل منه.
ومن فوائد هذا الحديث: حكمة الشريعة بالتناسب في شرائعها؛ حيث إنه لما حصلت الطهارة الحسية الظاهرة ندب إل الطهارة المعنوية، فإن التوحيد تطهير للقلب من الشرك والوضوء تطهير للأعضاء من الحدث.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد من النطق باللسان فيما يعتبر قولا، أي: لابد للقول من النطق فيه باللسان؛ لقوله:"ثم يقول: أشهد"، ولا يكفي أن يمر ذلك على قلبه، بل لابد من النطق.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات توحيد الألوهية لقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله"، وتوحيد الألوهية له قسمان: توحيد الألوهية باعتبار تعلقه بالله عز وجل، وتوحيد الألوهية باعتبار تعلقه بفعل العبد؛ ولهذا يعبر عنه بعضهم بتوحيد العبادة وتوحيد الألوهية.
ومن فوائد هذا الحديث: بطلان جميع الآلهة سوى الله لقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله".