الصورة الثانية: أن المراد بذلك: مسألة العينة وهي أن يبيع الإنسان شيئًا بثمن مؤجل ثم يشتريه بأقل منه نقدًا، قالوا: فهاتان صفقتان في صفقة؛ أي: في مبيع واحد، وتحمل البيعة هنا على المبيع، يعني: باع بيعتين في بيعة، فهذا هو الذي له أوكسهما، والصورة أن يبيع شيئًا بثمن مؤجل ثم يشتريه بأقل منه نقدًا، فهنا بيعتان البيعة الأولى بثمن مؤجل، والبيعة الثانية بثمن حاضر نقول للذي باع البعير: أنت الآن لك أوكسهما أو الربا، كيف ذلك؟
يعني: إما أن تقتصر على الثمن الأقل وإلا وقعت في الربا، الثمن الأقل ثمانون والأكثر مائة، إذا أخذها بثمانين فلا ربا؛ لأنه باع بمائة واشتراها بثمانين، المشتري لم يأخذ إلا الثمانين فلم يأخذ ربًا، فإن أخذ بالأكثر أخذ بالربا، من الذي يأخذ بالأكثر؟ البائع الأول باعها بمائة فقد أخذ بالربا، وإن اقتصر على الثمانين لم يأخذ بالربا، إذا اقتصر على الثمانين هل يلحق المشتري شيء؟ لا؛ لأنه اشتراها بثمانين وقد باعها بثمانين وانتهى كل شيء.
الصورة مرة ثانية: بعت عليك هذه الناقة بمائة إلى سنة، الثمن الآن مؤجل ومقداره مائة إلى سنة، ثم رجعت إليك واشتريتها منك بثمانين نقدًا، البعير ردت لي الآن وثبت لك في ذمتي مائة، إذن كأنني أعطيته ثمانين بمائة، وهذا ربا، فإن قلت له: أنا الآن أشتريها بثمانين ولا أريد منك الزائد فقد أخذت بأوكسهما، البيعة الأولى بمائة وهذه البيعة بثمانين أخذت بأوكسهما وسلمت من الربا، فإذن يكون المراد بالبيعتين في بيعة: مسألة العينة.
إذن للحديث معنيان: المعنى الأول: أن يبيع عليه الشيء بثمانين نقدًا أو بمائة نسيئة مؤجل هذا بيعتان في بيعة وهذا لا يجوز، الصورة الثانية: مسألة العينة أن يبيعه شيئًا بمائة مؤجل ثم يشتريه بثمانين نقدًا، ثمانين يسلمها للمشتري الذي اشترى منه أولًا، البائع الأول يسلم للمشتري الأول ثمانين وباقي في ذمته مائة، زيد باع على عمرو هذه الناقة بمائة إلى سنة، كم يثبت في ذمة عمرو لزيد؟ مائة، ثم رجع زيد فاشتراها بثمانين نقدًا وسلّمه الثمانين، كم في ذمة عمرو لزيد؟ مائة كأن هذا -أعني: زيدًا- أعطى عمرًا ثمانين بمائة إلى سنة. الحديث يقول:"له أوكسهما أو الربا"، ما أوكسهما؟ ثمانون أو الربا، نقول: أنت الآن يا زيد إن أخذت من عمرو مائة وقعت في الربا؛ لأنك أخذت أكثر مما أعطيت؛ لأنك أعطيت ثمانين، وإن أخذت ثمانين فقط عند تمام السنة خرجت من الربا، فإذا تمت السنة قلنا: يا زيد تعال، إن أخذت المائة وقعت في الربا وإن أخذت بالثمانين خرجت من الربا، فلك أوكسهما بدون ربا، أو الربا إن أخذت الأكثر، عندنا الآن تفصيل للفظ الأول نهى عن بيعتين في بيعة، وبيّنا أن التفسير الذي فسر به ظاهر اللفظ غير مراد، وهو أن أقول: لا أبيع عليك هذا الشيء حتى تشتري هذا الشيء أو لا أبيع عليك هذا الشيء حتى تبيعني هذا الشيء، ها صورتان، وقلنا: إن هذين غير مرادين،