"والملامسة": أن يقول: أي ثوب لمست فهو لك بكذا، أي شاة تلمس فهي لك بكذا، أي نخلة تلمس فهي لك بكذا، هذا مجهول، مثلًا يغطي عينيه ويقول: اذهب إلى قطيع الغنم أي شاة تلمسها فهي عليك بمائة، فذهب فأمسك شاة فإذا تساوى خمسمائة، يكون الغابن من؟ المشتري، لأنه يبعث عليه بمائة ريال وهي تساوي خمسمائة، ومرة أخرى غطى عينيه وقال: أي شاة تلمسها فهي عليك بمائتين، فوقعت يده على شاة تساوي خمسين، فمن الغابن؟ البائع، إذن لا يجوز للغرر والجهالة، وهذا يؤدي إلى النزاع والعداوة والبغضاء.
كذلك أيضًا لو قال: أي ثوب تلمسه ولو لم يغط عيناه فهو بكذا فإنه لا يجوز؛ لأن هذا وإن علم لدى المشتري فهو مجهول لدى البائع؛ لأن البائع لا يدري أي ثوب يلمس، هذا الإنسان عنده ثياب متنوعة بعضها بمائة وبعضها بألف وبعضها بعشرة ريالات، فقال: أي شيء تلمسه من هذه الثياب فهو لك بخمسين، أخبروني أي ثوب يختاره هذا المشتري؟ أغلى شيء، فيأخذ الثوب الذي يساوي ألفًا على كل حال فهذا مجهول.
"المنابذة": أن يقول أي ثوب أنبذه؛ لأن النبذ بمعنى: الطرح، أي ثوب أنبذه فهو عليك بكذا، ما الذي يختاره البائع؟ أدنى ثوب، والمشتري يكون مغبونًا، فلا يصح، أو يقول مثلًا: انبذ حصاة أو عودًا أو ما أشبه ذلك، فعلى أي ثوب يقع فهو لك بكذا، فهذا لا يجوز.
إذن للمنابذة صورتان:
الأولى: نبذ المبيع.
والثانية: أن ينبذ شيئًا على المبيع، وكلتاهما باطلة، المزابنة سبق تفسيرها.
هذه المعاملات هل إذا وقعت من إنسان تكون حرامًا ويصح العقد أو هي حرام ولا يصح العقد؟ الثاني: هي حرام ولا يصح العقد، حرام للنهي عنها، ولا يصح العقد؛ لأن النهي منصب على نفس الفعل، وإذا كان النهي موجه إلى نفس الفعل فإن ذلك يقتضي بطلانه؛ لئلا يحصل التفاضل والتناقض، إذ كيف يمكن أن يكون هذا الفعل منهيًا عنه مأذونًا فيه في وقت واحد، لو قلنا بذلك لقلنا بإمكان الجمع بين النقيضين، وهذا أمر مستحيل، فنقول الآن: لو أن إنسانًا باع ببيع محاقلة أو مزابنة أو مخابرة أو استثنى ما لم يعلم أو بيع ملامسة أو منابذة أو مخابرة لكان البيع فاسدًا لوقوع النهي عنه، كم هذه من أنواع؟ سبعة أنواع من البيع نهى عنها الشرع بعضها يومئ إلى الربا وبعضها يومئ إلى الجهالة والميسر.
من فوائد الحديث: النهي عن المحاقلة والمزابنة وقد سبق والنهي عن المخابرة وذلك أن الحب قبل أن يشتد يكون عرضة للتلف، ولأن الحب قبل الاشتداد لو أتى برد شديد هلك فهو عرضة للآفات، فيكون في ثمراته مخاطرة، والمخاطرة منهي عنها شرعًا.