جهل الثاني خطبة الأول جائز أيضًا، وعلى هذا يحمل خطبة أسامة وأبو جهم ومعاوية، ثلاثة خطبوا امرأة واحدة [على عدم العلم] المهم أن نقول مع العلم لا يصح، ولكن إذا أذن هل يجب عليه أن يسحب الخطبة أو له أن يبقى، أو تقول: إن هذا الرجل خطب على وجه مباح فا يلزمه؟ [نقول: اسحب الخطبة وابحث لك على بيت آخر].
ثم قال:"ولا تسأل المرأة" لما ذكر حق الرجل على الرجل، ذكر حق المرأة على المرأة، فقال:"ولا تسأل المرأة طلاق أختها" يعني: أختها؛ أي: في الدَّين.
يؤخذ من هذا الحديث من قوله:"ولا يبع": أن الرسول نهى عن هذا، والمراد بالأخت: الأخت في الدّين.
فهل نقول: إن هذه لو سألت طلاق امرأة نصرانية تزوجها مسلم هل هو جائز؟ نقول: لا؛ لأن هذا بناء على الغالب.
قال وفي رواية لمسلم:"ولا يسم"، "لا" هذه ناهية، لأنها جزمت الفعل، "ولا يسم المسلم على سوم أخيه"، السَّوم: تقدير الثمن من المشتري وهو معروف، ولكن السوم على نوعين: سوم يزاد فيه، وسوم يطمئن إليه البائع، أما الأول الذي فيه زيادة كل من البائع والمشتري يتساومان، هذا يقول: بعشرة، والثاني يقول: بإحدى عشر، وهكذا، لكن إذا استقر البائع والمشتري، ولم يبق إلا موجب العقد، فإنه لا يجوز لأحد أن يتقدم إلى البائع، لأن البائع قد رضي، أما لو قال البائع: من يزيد، أو بعد أن ركن إليه سمع أن فلانًا يزيد السلعة فذهب فطلب زيادة فهذا لا بأس به.
في هذا الحديث فوائد: أولًا: تحريم بيع الحاضر على البادي لقوله: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لبادٍ"، والأصل في النهي التحريم، لكن الفقهاء -رحمهم الله- كما عرفتم جعلوا لذلك شروطًا، ومنها ما ذكره ابن عباس رضي الله عن:"ألَّا يكون له سمسارًا".
ثانيًا: أنه لو باع حاضر لباد فلا يصح، لماذا؟ لأن النهي عائد إليه، وما عاد النهي إليه فلن يكون صحيحًا، لكن بعض أهل العلم صحح البيع وقال: إن النهي هنا لا يعود إلى معنى يختص بالبيع، وإنما يعود إلى حق البائع أو البيع، ولكن الصحيح أن البيع لا يجوز؛ لأنه قد ورد النهي عنه، وما ورد النهي عنه فلن يكون مقبولًا لقول صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".
ومن فوائد الحديث: تحريم النَّجش لقوله: "ولا تناجشوا"، فإذا وقع النَّجش ثم بيع على من نجش عليه فهل البيع صحيح؟ الجواب: نعم، إذ أن النهي ليس عن البيع بل عن النَّجش، لكن للمنجوش إذا غرَّر به أن يرجع يعني: له الخيار، يعني لما رأى هذا الرجل يزيد في السلعة،