فيستفاد منه فوائد: أولًا: أن غلاء السعر سبب للقلق؛ أي: قلق الناس واضطرابهم، وهو كذلك لما فيه من ضيق القوت.
ويتفرع على هذه الفائدة: أن رخص الأسعار فيه توسعة للناس وانبساط، ولكن اعلم أن رخص الأسعار قد يكون أحيانًا ضررًا على آخرين ولكن العبرة بالعموم، فرخص الأسعار مثلًا في المنتوجات قد يتضرر به المنتجون، لكن عامة الناس ينتفعون به، والمصالح العامة مقدمة على المصالح الخاصة، ألا ترى إلى المطر يعتبر من رحمة الله ويفرح الناس به وقد يكون ضررًا على بعض الناس كالمزارع لا يحب المطر؛ لأنه قد أسقى زرعه آخر تسقية، وإذا أسقاه آخر، فربما يتضرر الزرع بما يأتي بعد ذلك من الماء، أو يكون شخص قد بنى بنيانًا ولم ييبس، فإذا جاء المطر ضره وهدم بنيانه .... إلى غير ذلك من المسائل التي يكون فيها المطر ضررًا، لكنه ضرر مغتفر؛ لأن قليل في جانب النفع العام.
ومن فوائد الحديث: أن الصحابة -رضي الله عنهم- يشكون الأمور التي تقلقهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رجاء أن يعالجها بنفسه أو بدعاء الله -سبحانه وتعالى- الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة قال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادعوا الله أن يغيثنا، هذا طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم علاج هذا الموقف بدعاء الله، وهنا الصحابة طلبوا علاج الموقف بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول تبرأ من ذلك.
ومن فوائد الحديث: إثبات أن الله عز وجل هو الذي بيده الأمور دون غيره؛ لقوله:"القابض، الباسط، الرازق"، وهذا يقوله النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو أحق الناس بأن يكون له شيء من التكبر لو كان لأحد من المخلوقين شيء من التكبر، فإذا انتفى هذا الأمر بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانتفاؤه بالنسبة لغيره من باب أولى، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يعلَّق قلبه بأحد إلا بالله.
ومن فوائد الحديث: وصف الله بأنه مسعّر؛ لأن التسعير نوع من أنواع فعله سبحانه، فهو الذي يسعر الأشياء، ويقدر قيمتها بما يقدره من الأسباب، وقد ذكرنا أسباب الغلاء قبل قليل بأنها ثلاثة: زيادة النمو، قلة المحصول، الجشع والطمع.
ومن فوائد الحديث: وصف الله عز وجل بالقابض والباسط لقوله: "القابض، الباسط".
ومن فوائد الحديث: وصفه بالرازق، فهل هذه أوصاف وصف الله بها؛ لأنها من أنواع أفعاله أو هي أسماء؟ يحتمل أن تكون أسماء من أسماء الله؛ لأنها دخل عليها "أل"، ويحتمل أن تكون أوصافًا؛ لأنا أنواع من الفعل، فهي كالضحك والغضب والسخط والرضا، فهي أنواع من الفعل فلا تكون من أسماء الله؛ ولهذا لم يأت شيء منها في القرآن إلا بلفظ الفعل: