٧٨٤ - وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حبس العنب أيَّام القطاف، حتَّى يبيعه ممَّن يتَّخذه خمرًا، فقد تقحَّم النَّار على بصيرة". رواه الطَّبرانيُّ في الأوسط بإسنادٍ حسنٍ.
"حبس" أي: منع بيعه وأبقاه في أصوله، و"أيام القطاف" أي: أيام قطاف العنب؛ لأن العنب -كما نعلم- له أيام يقطف فيها ويباع فيؤكل طريَّا كما يقطف الرطب من النخل وأحيانًا يحبس حتى ييبس فيكون زبيبًا، هذا الزبيب يستعمله الناس غذاء كما يأكلون التمر، يأكلونه أو يضعونه على الأطعمة، ومن الناس من يجعله عصيرًا ليتخمّر، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا"، "ممن" أي: على من يتخذه خمره، أي: يصنعه خمرًا، "فقد تقحَّم" أي: دخلها بانزعاج، "على بصيرة" أي: على علم بالسبب الذي يوجب تقحّمها، والمراد بالجملة: أن من فعل ذلك فقد أدخل نفسه في النار بسبب يعلم أنه سبب لدخول النار؛ وذلك لأنه أعان على شرب الخمر، والمعين على الإثم آثم، إثم الفاعل كالحاضر، كما قال الله تعالى: } وقد نزل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم ءايت الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم {[النساء: ١٤٠]. عيد علي عمر
من فوائد الحديث: أنه يحرم حبس العنب ليباع على من يتَّخذه خمرًا.
ومن فوائد الحديث: أن ذلك من كبائر الذنوب؛ وجهه: أنه توعد عليه بالنار.
ومن فوائد الحديث: عظم شرب الخمر والإعانة على شربها؛ حيث جعل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك من أسباب دخول النار، والخمر كل ما خامر العقل، أي: غطّاه على سبيل اللذة والطرب، فإن السكران -والعياذ بالله- يزول عقله كأنما الدنيا عنده قطعة ورقة، ويجد لذة، ويجد نفسه في مقام الملوك والرؤساء فينسى همومه وغمومه، لكن إذا زال السَّكر تراكمت عليه الهموم والغموم؛ لأنه كالماء إذا حبسه وقف، لكن عندما تزول الحابس يندفع بقوة، هكذا الهموم والغموم تقف عند السَّكر، لكن إذا زال السكر اندفعت اندفاعًا مؤلمًا مؤذيًا، لا يمكن أن يقرَّ له قرار حتى يعود إلى شرب الخمر، ولهذا قلّ لمن شرب الخمر أن ينزع عنه -والعياذ بالله- إلا بإيمان قوي أو رادع قوي.
ومن فوائد الحديث: أن للوسائل أحكام المقاصد، وجه ذلك: أن هذا حبس العنب