لغرض سيئ يريد هذا الشيء، وهذه القاعدة قاعدة متفق عليها، وهي أصولية فقهية من أجزائها أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب إليه وما كان سببًا للحرام فهو حرام، وما كان سببًا للمكروه فهو مكروه، وكل هذه الأجزاء داخلة في القاعدة العامة، وهي أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ومن فوائد الحديث: عقوبة من أعان على فعل محرم وإن لم يفعله؛ لأن هذا الذي احتبسه ليبيعه لمن يتخذه خمرًا لم يفعله؛ لكنه أعان، فالمعين على الإثم آثم.
ومن فوائده: أنه إذا كان هذا فيمن أعان على من يتخذ العنب خمرًا فما بالك بمن يشرب الخمر؟ لا شك يكون أعظم؛ ولهذا كان شارب الخمر ملعونًا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، محرومًا من شربها في الآخرة، إما لأنه لا يتنعم بها في الجنة، وإما أنها تؤدي إلى الكفر المانع من دخول الجنة، ولهذا سميت الخمر أم الخبائث ومفتاح كل شر.
ومن فوائد الحديث: أن من باع شيئًا لغرض المعصية فإن بيعه حرام، وهذا هو الشاهد من الحديث، وهل يصح -أي البيع- أو لا؟ لا يصح البيع؛ لأنه منهي عنه لذاته، فالنهي متسلط على نفس البيع، فإذا باع شيئا لمن يتخذه لمحرم كان البيع حرامًا، وإن باعه لمن لم يتخذه لمحرم كان البيع حلالًا، ولهذا لو بعت العنب لمن يأكله فالبيع حلال، أما لمن يتخذه خمرًا فالبيع حرام، بعت البيض لمن يأكله فالبيع حلال، لمن يقامر به حرام، من الصور التي يستعمل فيها للقمار ما يفعله بعض الناس يقول: خذ هذه البيضة اكسرها طولًا، فإن فعلت ذلك فلك مائة ريال، وإن لم تفعل فعليك مائة ريال، هذا من جملة القمار التي تتخذ له البيض، بيع الدخان داخل في هذا الحديث، لكن الدخان لا ينقسم إلى حلال وحرام، بل كله حرام، لكن قصدنا أن الشيء قد يكون مباحًا في حال فيصح بيعه، محرمًا في حال فلا يصح بيعه، السلاح إذا بعته لمن يقتل به المسلمين كان هذا البيع حرامًا، أما لمن يقتل به الكفار كان بيعه حلالًا، بل قد يكون مندوبًا.
ومن فوائد الحديث: أن المباح لذاته قد يكون محرمًا لغيره، فأصل البيع حلال لذاته