للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائز، وينبني على هذا ما ذكرناه من إبدال الشاة المعينة أضحية بخير منها، وكذلك أيضًا ينبني عليه جواز إبدال الوقف الشيء الموقوف بخير منه، فلو أني وقفت مسجدًا وصلى الناس فيه أذن المؤذن وأقاموا وصلى الناس، ثم إننا رأينا موقعًا أحسن منه وأنفع للحي فنقلناه إليه، فهل يجوز؟ نعم يجوز المسجد الأول، ماذا يكون بعد نقله؟ يصير ملكًا لنا يجوز أن نقطعه حجرًا نسكن فيه أو دكاكين نؤجِّرها أو نهدمه ونجعله مواقف؛ لأنه الآن لما أبدل بغيره انتقل الحكم من هذا المكان الجديد.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان مكافأة من أحسن إليه، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لهذا الرجل أن يبارك الله له في بيعه، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه"، وهذا كما أنه من أوامر الشرع فهو من الأخلاق النبيلة الفاضلة، كثير من الناس تحسن إليه ولا تجد منهم مكافأة ولا بطلاقة الوجه، بل يمكن أن يعبس في وجهك لا تسمعه يقول: جزاك الله خيرًا ولا ينشرح صدره لإحسانك، والإنسان المحسن -وإن كان مخلصًا لله- لا يريد منهم جزاء ولا شكورًا، لكن لا شك أن من الأدب أن تكافئ من صنع إليك معروفًا، لو أن رجلًا تصدق على فقير جاءه ويقول: أنا عليّ دين كثر فأعطاه مائة ريال، قال: لا تعطني غير مائة، الله لا يكثر خيرك، ثم اكفهر في وجهه وألقى بالمائة، هل هذا موافق للشرع أم مخالف؟ مخالف، كان الذي ينبغي له أن يقول جزاك الله خيرًا ويأخذ المائة ينتفع بها إن كان عليه عشرة ملايين ريال الآن صار عليه عشرة إلا مائة إذا كان صادقًا، والعامة يقولون: القطر مع القطر يأتي غدير، والشاعر يقول:

لا تحقرنَّ صغيرة***إنَّ الجبال من الحصى

لكن أقول: إن بعض الناس حرم هذا الأدب، والخلق النبيل الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله، "من صنع إليكم معروفًا فكافئوه" هذا قوله، وكونه دعا لعروة هذا فعله.

ومن فوائد الحديث: حدوث آية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي إجابة الدعاء، حتى إن هذا الرجل لو اشترى ترابًا لربح فيه، ومواضع إجابة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة، وكلها تأييد لرسالته صلى الله عليه وسلم، وإذا وقع مثل هذا لمتبع الرسول صلى الله عليه وسلم سميناه كرامة لمن وقع له، ومعجزة أو آية للرسول صلى الله عليه وسلم وهو المتبوع؛ لأن إظهار هذه الكرامة لمتبع الرسول صلى الله عليه وسلم شهادة من الله أن هذا على حق، فيكون متبوعة أيضًا على حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>