للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن المكافأة تكون من جنس المكافأ عليه، من أين يؤخذ؟ دعا له بالبركة في بيعه؛ لأن الذي وقع منه إسداء معروف في بيعه، فينبغي أن تكون المكافأة من جنس الإحسان، إلا إذا رأى الإنسان أنه لا يليق أن يعطيه من جنس إحسانه أو أن يخشى أو خشي أن يظن الفاعل المعروف أن هذا ردُّ لمعروفه، فهنا ينبغي أن يكافئه من جنس آخر، مثال ذلك: رجل أهدى إلي بمناسبة ظهور أول الرطب فصل من الرُّطب فأهديت أنت إليه كافأته بفصل من الرطب مثل رطبه هذا أشبه أن يكون ردَّا، لكن أهدى عليه مثلًا فصلًا من العنب، المهم: ينبغي للإنسان في مثل هذه الأحوال أن يحرص غاية الحرص على ألَّا يخدش المحسن إليه بحيث يشعر أن هذا ردٌّ لجميله.

ومن فوائد الحديث: أن الربح لا يحدد، فيجوز للإنسان أن يربح الربع أو الخمس أو العشر أو الأكثر، لكن بشرط ألا يكون في ذلك غبن، فإن كان عن طريق الغبن، فإنه يحرم ما زاد على العادة، وأما إذا كان عن طريق الكسب؛ أي: أن السوق زادت قيمة السلع فيه أو أن البائع الأول قد حاباه، أو أن المشتري الثاني قد حاباه فإن هذا لا بأس به وقد يكون البائع الأول يعرف أن هذه السلعة تساوي عشرين، فباع عليك بعشرة، إذا بعت بثمن المثل فبكم تبيعها؟ بعشرين أو أكثر هذا لا يضر؛ لأن الأول حاباك، أو أن يكون المشتري الثاني يعلم أن قيمتها عشرة لكن أراد أن ينفعك فاشتراه بعشرين، هذا لا بأس به، وإن كانت السلع في الأسواق لم يحصل منها زيادة.

الحاصل لنا: أن في هذا الحديث دليلًا على أنه لا تحديد للربح.

فإذا قال قائل: إذن لو اتفق أهل السوق على أن يجعلوا ما يساوي مائة بثلاثمائة.

قلنا: هذا لا يجوز؛ لأنه احتكار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحتكر إلا خاطئ".

ومن فوائد الحديث: أن الإنسان لو أعطاك مالًا تشتري به حاجة معينة واشتريتها بأقل مما أعطاك وجب عليك أن ترد الباقي، ولو قال: خذ هذه السلعة بعها بمائة فبعتها بمائة وعشرين فهل يجب عليك أن تعطيه مائة وعشرين، أو تقول: هو قال: بعها بمائة والعشرين لي؟ الأول؛ لماذا؟ لأنه قد يكون البائع يحدد الثمن ظنًا من أنها لن تزيد عليه فيكون السوق قد أخلف، أو يأتي إنسان محتاج ولا يهمه أن يزيد عليه الثمن، ولكن لو قال: بع هذه بمائة وما زاد فلك؛ فهذا جائز، ولا يقال: إن هذا مجهول، نقول: لأن المالك قد علم الثمن الذي قدره فلا يريد أكثر من ذلك.

وقوله: وأورد التِّرمذيُّ له شاهدًا من حديث حكيم بن حزام.

"الشاهد" هو ما يدل على معنى الحديث، وللعلماء حول هذا الموضوع ثلاثة أشياء: اعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>