زكاة فلا يبيعها حتى يقبض، وقوله:"الغائص" أي: الذي يغوص في البحر لاستخراج الدِّرر منه فيقول: أضرب الآن، يعني: أغوص فما أخرجته فهو لك بكذا، كم هذه من نوع؟ ستة أنواع يجمعها معنى واحد وهو الغرر.
وقد صحّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
الفرق بين بيع الحصاة والرحى:
حدثني في المدينة هذه الأيام يقول سمع شيخًا من أئمة المساجد يقول إن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وهؤلاء الله يهديهم يبيعون الرَّحى، فهو آخذ بظاهر اللفظ، وظن أن الحصاة هي الرحى، فمثل هذا جهله يسمى جهلًا مركبًا، المهم أن هذه الأنواع الستة يجمعها الغرر في كلِّ منها، وقد ثبت النهي عن الغرر كما ذكرنا، وهذه تعتبر قاعدة من قواعد الشرع في البيوع، فأولًا نهى عن شراء ما في بطون الأنعام، وهي جمع نعم وهي: الإبل والبقر والغنم، ويقاس عليها ما سواها، وإنما نهى عن بيعها؛ لأنها غرر عظيم، فالذي في بطون الأنعام قد يكون متعددًا وقد يكون واحدًا، وقد يكون ذكرًا وقد يكون أنثى، وقد يخرج حيًا وقد يخرج ميتًا، وقد يكون مشوَّها، وقد يكون سليمًا، المهم: أن كثيرًا من احتمالات الغرر ترد على ما في بطون الأنعام، إذن متى يصح بيعها؟ قال:"حتى تضع"، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يسد الأبواب كلها من كل وجه فقال:"حتى تضع" بدل ما تبيعها اليوم بعها غدًا إذا وضعت، ويستفاد من هذه الجملة: تحريم بيع ما في بطون الأنعام وفساد البيع أيضًا؛ لأنه قد تقرر في علم الأصول أن ما نهي عنه فهو فاسد، سواء من العبادات أو من المعاملات، ووجه ذلك: أن ما نهي عنه فإنَّ النهي يستلزم البعد عنه وعدم تنفيذه فإذا نفِّذ وصحَّح فقد ضاد الإنسان أمر الله عز وجل.
فيستفاد من هذا الحديث: جواز بيع الحامل وما في بطنها؛ لأن النهي إنما ورد عن بيع ما في بطونها لا عن الحوامل، وعلى هذا فإذا باع الإنسان أنثى حاملًا من بهيمة الأنعام أو من غيرها فالبيع صحيح.
ويستفاد من هذا الحديث: ما أشار إليه ابن رجب في قواعده، من أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، ويغتفر في التابع ما لا يسوّع في المتبوع، ثاميًا: قال: "وعن بيع ما في ضروعها" يعني: حتى يحلب، فينهى عن بيع ما في ضروع بهيمة الأنعام؛ لأنه مجهول؛ ولأنه غير مقدور على تسليمه؛ أما الجهالة فظاهر حتى لو رأيت حجم الضرع فقد يكون اللحم الذي في داخل الضرع كثيرًا وقد يكون قليلًا، فإذا كثر قلّ اللبن وإذا قلّ كثر اللبن، إذن اللبن مجهول، ثانيًا: أنه