بظاهر الخفين حتى نقول: إنه يجب استيعاب ظاهر الخف كقوله تعالى: {وامسحوا برءوسكن وأرجلكم} حيث قلنا: إن الباء في قوله: {برءوسكم} للاستيعاب، فيجب أن يكون مسح الرأس في الوضوء شاملا لجميع الرأس، لكن هنا قال "علي": فيكفي أدنى مسحة، ولكن هذه المسألة فيها خلاف والمذهب الوسط فيها ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله أن يكفي مسح أكثر الظاهر فلو أمر يده على ظاهر الخف من أصابعه إلى ساقه كفى، ولا يمسح العقب والأسفل، بل من أطراف الأصابع إلى أن يصل إلى الساق.
ثم هنا يقول:"على ظاهر خفيه"، ولم يقل: هل بدأ باليمين أو بدأ بالشمال أو مسح عليهما جميعا باليدين؟ أما كونه بدأ بالشمال فهذا غير وارد؛ لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.
الوارد هل مسحهما جميعا باليدين أو بدأ باليمنى؟ هذا محل نظر، فمن العلماء من قال: يمسحها جميعا باليدين؛ لأن هذا ظاهر الحديث "مسح عليهما"، ولم يذكر أنه بدأ باليمنى؛ فعلى هذا يكون المسح عليهما مرة واحدة باليدين اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى.
ومنهم من قال: إن الصحابي أراد أن يبين وقوع المسألة بقطع النظر عن كونه بدأ باليمين أو بدأ بالشمال، ونحن نقول: إن المسح فرع عن الغسل، والغسل يبدأ فيه باليمين، وما دام الأمر مترددا بين هذا وهذا فإن العلماء بعضهم قال بهذا؛ وبعضهم قال بهذا؛ يعني بعضهم قال: يمسحهما جميعا، وبعضهم قال: يبدأ باليمين، والأمر عندي في هذا واسع، المهم أن يمسح عليهما.
ومن فوائد هذا الحديث: الرد على الرافضة؛ لأنهم يرون علي بن أبي طالب إمام الأئمة، والأئمة عندهم معصومون من الخطأ وهم لا يرون المسح على الخفين، وعلي رضي الله عنه أحد الصحابة الذين رووا أحاديث المسح، وهو خليفة من خلفاء المسلمين ومع ذلك لا يقبلون هذا، مما يدل على أن القوم إنما يتبعون أهواءهم لا يتبعون الحق، قال ابن كثير: في غالب ظني إنهم خالفوا الحق في تطهير الرجل من وجوه ثلاثة:
أولا: أنهم قالوا: يجوز مسح الرجل المكشوفة بدلا من غسلها.
وثانيا: أنهم جعلوا الكعبين هما العظمان الناتئان على ظهر القدم، فيكون التطهير في نصف القدم فقط.
وثالثا: أنهم منعوا من مسح الخفين، وكل هذا ثابت كما مر عليكم ويمر إن شاء الله.