به من أجل ترتب الآثار عليه بخلاف ما لو شهد على بيع خمر، فإنه لا يشهد بذلك؛ لان بيع الخمر حرام يجب رده على البائع بل يجب إتلافه، وليس للبائع عوض عن هذا الخمر، وإن كان القول الراجح في هذه المسألة في أنه يجبر المشتري على أن يتصدق بهذا الثمن الذي جعله ثمناً للخمر لئلا يجمع له بين العوض والمعوض.
من فوائد الحديث: أن المعين للحرام مساوٍ للمباشر له لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "هم سواء"، ولكن هذا مشكل، وجه الإشكال: أنه ليس الشاهد والكاتب والموكل كالمباشر الذي انتفع بالربا، ولكن يمكن أن نقول: إن الحديث تحمل فيه التسوية على أنهم سواء في أصل الإثم أو في أصل اللعنة وإن اختلفوا في كيفيتها، ولا يلزم من التساوي في الأصل التساوي في الكيفية، وإنما قلنا: إن هذا محتمل؛ لأننا نعلم أن جزاء الله- سبحانه وتعالى- مبنى على العدل التام نعم، لو كان لا يثبت الربا للآكل إلا بشهادة هؤلاء فربما نقول: إنهم يتساوون حتى في كيفية اللعنة وصفة العقوبة.
وقوله:"وللبخاري نحوه ... الخ"، "نحوه" يعني: ما يقاربه، لأن في حديث أبي جحيفة:"لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله"، وليس فيه ذكر الكاتب والشاهدين.
٧٩٦ - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم». رواه ابن ماجه مختصرا، والحاكم بتمامه وصححه.
قوله:"الربا" نتكلم أولاً عن هذا الحديث من جهة المتن فنقول: لا شك أن في متنه شيئاً من النكارة؛ وذلك لأن أكل المال بالربا أعظم من أكل العرض، اللهم إلا إذا كان العرض بالقدر، ثانياً: ولأن قوله: «أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه»، ومن أيسر الأبواب مثلاً أن يبيع صاعاً طيباً بصاعين رديئين مستاويين له في القيمة ومع ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه»، وهذا تشنيع عظيم في أيسر الربا، فمثل هذا المتن في القلب منه شيء وذلك لعظم العقوبة في أمر يظهر للإنسان أن ما مثل به أشد وأعظم من الممثل، فالله أعلم، ولكن سند الحديث لا بأس به. «الربا ثلاثة وسبعون باباً»، الباب بمعنى: الصنف والجنس، ومنه قول بعض العلماء: لم يصح في هذا الباب شيء أي: في هذا الصنف من مسائل العلم فهو ثلاثة وسبعون باباً، ما هذه