والرسول - عليه الصلاة والسلام- والكلام لشيخ الإسلام- في زمن لم يكن هناك مساحون يقيسون الأرض بالذراع وبالأصابع ويحب الشعير؛ لأن الذين قدروها بالمسافة يصلون بالتقدير إلى حبة الشعير وإلى شعرة البرذون، وعليه فأنا الآن مما ألي البلد هنا غير مسافر لأني ما أكملت حبة الشعير والذين أمامي الآن مسافرون، هذه في الحقيقة إذا تأمله الإنسان وجد انه ليس بصواب، لكن فيه شيء يجعله قولا مقبولا، وهو أنه أضبط من أن يقال إن السفر ما عده الناس سفرا؛ وذلك لأنهم يختلفون في عد هاذ سفرا أو غير سفر، فيكون تحديده من مسافة أضبط، ويقال: إنه يعفى عن الذراع والذراعين والمتر والمترين وما أشبه ذلك؛ إذن يترجح كلام شيخ الإسلام رحمه الله من وجه وهو أنه أقرب إلى النصوص ويترجح الآخر من وجه وهو أنه أضبط؛ لأنك متى قطعت المسافة وأنتم جميعا ترون هذا أنه مقدر بالمسافة هل تختلفون؟ إذا قطعنا (٨٣) كيلو مترا ولو كنا نسافر في آخر النهار، وكلنا يعتبر المسافة فكلنا يرى أننا مسافرون ويطمئن ويقصر الصلاة ويجمع ولا يبالي، لكن إذا قلنا إنه معتبر بالعرف ووصلنا إلى مكان، وكان بعضنا يرى أن هذا سفر عرفا والآخر لا يراه سفرا عرفا حصل نزاع وحصل قلق، هل نجمع ونقصر أو لا؟ وإلا فلا شك أن السنة تؤيد كلام شيخ الإسلام رحمه الله، حتى إنه ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين.
شيخ الإسلام رحمه الله يقول: بالنسبة لهذه المسألة: المسافة القريبة للزمن الطويل سفر، والمسافر البعيدة للزمن القصير سفر، والمسافة الطويلة في الزمن الطويل سفر من باب أولى، والمسافة القصيرة في الزمن القصير ليس سفرا.
قوله:"إذا كان سفرا أمرنا ألا ننزع خفافنا" يعني: إذا كانت علينا وتمت الشروط ثلاثة أيام بلياليهن كم ساعة؟ (٧٢) ساعة، لكن متى تبدأ هل هو من اللبس أو من الحدث بعد اللبس أو من المسح بعد الحدث، أو من المسح ولو من غير حدث لدينا أربعة احتمالات:
الأول: من اللبس، وهذا ضعيف.
الثاني: من الحدث بعد اللبس، وهذا ضعيف لكنه دون ضعف الأول.
الثالث: من المسح بعد الحدث؛ وهذا أقرب الأقوال؛ لأن الذي ورد في الحديث "فمسح" ولا يصدق المسح إلا بفعله، فيكون ابتداء المدة من المسح.
الرابع: من أول مرة مسح ولو تجديدا، فيكون مسحا بدون حدث، والنصوص محتملة له؛ لكن لندرته وقلته ينبغي ألا يحمل الحكم عليه ويقال إنه من المسح بعد الحدث.