للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: "إلا من جنابة" يعني: لا ننزعها إلا من جنابة، والجنابة: كل ما أوجب غسلا من جماع أو إنزال ولكن من غائط وبول؛ ونوم.

في هذا الحديث فوائد منها: مراعاة التيسير على الأمة، وذلك بتيسير أحكام السفر في الطهارة وما يتعلق بها، وفي الصلاة وما يتعلق بها، وفي الصيام وما يتعلق به، تجد الشريعة يسرت الأحكام بالنسبة للمسافر، فيستفاد من هذا مراعاة الشريعة للتسهيل.

ومن فوائده أيضا: بيان الحكمة في التشريع، وأنه يناسب الأحوال، وهذا ظاهر جدا في العبادات وفي المعاملات، فمثلا في العبادات ما رأيتم المسافر يمسح كم؟ ثلاثة أيام بلياليهن والمقيم يوما وليلة، الصلاة الرباعية تتم في الحضر وتقصر في السفر، الجمع يجوز في السفر.

كذلك في المعاملات بيع التمر بالرطب حرام؟ لكن إذا احتاج الإنسان إلى الرطب وليس عنده دراهم جاز أن يشتري الرطب بالتمر بالشروط المعروفة في العرايا، هذا أيضا تسهيل بل لدينا قاعدة: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم} [الأنعام: ١١٩]. هذه قاعدة: "كل حرام يضطر الإنسان إليه وتندفع ضرورته به يكون حلالا"، وهذا مما يدل على أن الشريعة تراعي الأحوال.

ومن فوائد هذا الحديث: أن من كان لابسا للخف فإنه لا ينزعه بأمر الرسول لقوله: "أمرنا ألا ننزع"، وهو مما يؤيد ما ذكرناه أولا بأن من كان لابسا الخفين فإنه لا ينزعهما؛ لأن هذا في باب التعمق والتنطع بل مسح عليهما من هو أتقى لله منك وأعلم بالله منك.

ومن فوائد هذا الحديث: أن المسافر يمسح ثلاثة أيام بلياليهن.

ومن فوائده: أنه لا مسح على الخف في الجناية؛ لأن حدث الجناية أغلظ من حدث البول والغائط؛ فلهذا ليس فيها مسح إلا في حال الضرورة في الجبيرة كما سيأتي إن شاء الله.

ومن فوائد هذا الحديث: أن المسح يكون بالحدث الأصغر وهو متفرع على الفائدة التي ذكرنا.

ومن فوائده: أن الغائط والبول والنوم ناقض للوضوء لقوله: "إلا من بول وغائط ونوم" وظاهر الحديث: أنه لا فرق بين الغائط القليل والكثير، وكذلك البول لا فرق بين القليل والكثير والنوم ظاهر الحديث لا فرق بين القليل والكثير، لكن دلت أدلة أخرى أن هناك فرقا بين القليل والكثير بالنسبة للنوم، إذن يستفاد من هذا الحديث: أن الغائط ناقض للوضوء قل أو كثر، البول ناقض للوضوء قل أو كثر، النوم ناقض للوضوء قل أو كثر، لكن هذا مقيد - النوم- بأحاديث أخرى أنه إذا كان النوم قليلا فإنه لا ينتقض به الوضوء، وسيأتي - إن شاء الله- بيان ذلك.

هل حديث صفوان هنا حصر نواقض الوضوء أو هناك نواقض أخرى؟

سؤال:

- هناك نواقض أخرى منها الريح، وهي لم تذكر هنا، ومنها لحم الإبل وهو لم يذكر هنا، المهم أن صفوان رضي الله عنه إنما ذكر أمثلة فقط ولا تدل على الحصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>