للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو معهما من غير جنسهما، مثال ذلك: باع برا وتمراً ببر هذا لا يجوز؛ لأن مع أحدهما من غير الجنس، ولأننا نقول إن الجنس هنا مساوياً للجنس الذي جعل عوضاً عنه، فالذي معه يعتبر زيادة، يعني: باع صاع بر ومعه نصف صاع تمر بصاع البر، نقول: هذا صار براً ببر ومع أحدهما زيادة وهذا لا يجوز وإن كان البر الذي معه التمر وبيع به البر أنقص من البر الذي جعل عوضا عنه، فقد بيع البر بالبر مع التفاضل وهذا أيضاً لا يجوز، فإن كان البر المفرد أطيب من البر الذي معه غيره بحيث تكون قيمة الاثنين مساوية لقيمة البر فهذا أيضاً لا يجوز؛ لأنه سبق لنا أن الوصف لا يبيح الزيادة، فإن كان المفرد الذي ليس معه شيء أكثر من الذي معه شيء لكن زيادة المفرد تقابل الشيء الذي معه -مع العوض- فهل يجوز؟ ، مثال ذلك: باع صاعين من البر بصاع من البر وصاع من التمر والقيمة سواء، هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من قال: إنه يجوز جعل الصاع الزائد في المفرد في مقابل المشفوع في المثنى يعني: يقول هذان الصاعان بصاع من البر وصاع من التمر نجعل صاعاً من التمر في مقابل صاع من البر وصاعاً من البر في مقابل الصاع من البر، وحينئذً لا ربا، فيقول هذا القائل: إنه إذا كان في المفرد زيادة تقابل ما مع المشفوع من غير جنسه فإن ذلك جائز، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، فيجعلون الزيادة في الجنس في مقابل المصاحب للمشفوع ويقولون: نجعل صاعاً بصاع وصاعاً من التمر بالزيادة التي مع البر، وكذلك لو باع صاع بر وتمر بصاع بر وتمر يقولون أيضاً لا بأس به؛ لأننا نجعل البر مقابل التمر والتمر مقابل البر يقولون مثلاً: رجل أتى بصاع من البر وصاع من التمر وباعهما على شخص آخر بصاع من البر وصاع من التمر يقولون: هذا أيضاً جائز؛ لأنك إن جعلت صاعاً من البر في مقابل صاع من البر وصاعاً من التمر في مقابل صاع من التمر فهذا جائز، وإن جعلت صاعاً من البر في مقابل صاع من التمر وصاعاً من التمر في الطرف الآخر في مقابل صاع البر فهذا أيضاً جائز، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية هو الصحيح؛ لأن العلة منتفية، فإذا كان هذا الزائد الذي مع العوض المقابل له زيادة في هذا فقد بعت طعاماً بطعام مع التساوي ولا محظور في ذلك؛ لأن الكمية الزائدة في المفرد تقابل بالمشفوع مع الطرف الآخر، وهذا الحديث لا يمنع القول بذلك؛ لأن هذا الحديث فيه أن القلادة زادت على الثمن، فإذا كانت زادت على الثمن فهي ليست موضع النزاع، فإن ما دل عليه الحديث هذا ممنوع على القولين جميعاً، أما لو فرض أنها أقل من الدنانير ومنعها الرسول صلى الله عليه وسلم لكان هذا فصل للنزاع ودليل على أنه لا يجوز أن يكون العوض المفرد مقابلاً بشيئين من جنسين ولو كانت القيمة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>