طعام: سكر، بر، أي شيء بدراهم لا يسلمه له في الحال فهو بيع دين بدين لكنه جائز؛ لأنه ليس فيه محظور إطلاقا لا جهالة ولا غرر ولا ربا، والأصل في العقود الحل إلا ما قام الدليل على منعه، وهذا لم يقم دليلا على منعه؛ لأن هذا الحديث ضعيف، ولأنه يصدق ولو بصورة واحدة، يعني: إذا صدق النهي ولو بصورة واحدة كفى؛ لأن لدينا أدلة تدل على أن الأصل هو الجواز، فإذا ضح الحديث حمل على الصورة التي يعلم منعها بالأدلة الأخرى.
هل يجوز بيع الدين على غير من عليه بسعر يومه إذا بيع بما لا يشترط فيه التقابض أو لا يجوز؟ مثاله: رجل عنده لي مائة صاع بر فجاءني شخص وقال: بعها علي بمائة درهم بقيمتها الحاضرة بدون أي ربح أو لا يجوز؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: لا يجوز، لأن هذا ليس عنده وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عنده، ومنهم من قال بالجواز، لكن إن قدر على قبضه تم البيع وإلا فله الرجوع، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا قد يحتاج إليه الإنسان فيما لو كان المطلوب في بلد آخر، لو كان المطلوب في بلد آخر وجاء شخص من أهل البلد الذي فيه المطلوب واشترى منه ما في ذمته بعوض لا يجري بينه وبينه ربا النسيئة فهنا قد يحتاج إليه، لكن بشرط أن يكون بسعر اليوم لئلا يربح فيما لم يضمن.
فإن قال قائل: هذا القول يرد عليه حديث ابن عمر: "كنا نبيع الإبل بالدراهم ونأخذ عنها الدنانير، وبالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء".
فالجواب: أن هذا لا يرد، لأن بيع الدراهم بالدنانير أو بالعكس يشترط فيه التقابض قبل التفرق، وبيع الدراهم بالدنانير ولو كان حاضرا بحاضر لابد فيه من التقابض قبل التفرق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم»، أما صورتنا هذه فهي بيع شيء بآخر لا يجري بينهما ربا النسيئة، ولكن لا شك أن الاحتياط الأخذ بالقول الثاني، وهو ألا يبيعه حتى يقبضه، لأنه إذا فتح هذا الباب فربما يتبايع الناس ديونا لا يرجى حصولها ويكون هذا من باب الميسر، وربما يبيعون ديونا يرجى حصولها لكن بربح، وكل هذه من المحظورات الشرعية، فالأولى والاحتياط الأخذ بالمنع، وألا يبيع الإنسان دينا في ذمته غيره حتى يقبضه.