للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمة لها روح حيث يقولون: "النية مطية"، والمطية هي الناقة تركب، يعني: إن كانت نيتك طيبة فمطيتك طيبة، وإن كانت رديئة فمطيتك رديئة.

ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله تعالى يؤدي عنه ولكن كيف يؤدي عنه، هل الله عز وجل يسلم دراهم لصاحب المال؟ لا، بل ييسر لهذا الآخذ الأداء، فيسهل عليه الأداء فإن لم يتيسر له في الدنيا أدى الله عنه في الآخرة.

فإن قال قائل: يلزمكم على هذا أن تقولوا: أن من مات وعليه دين وهو معروف بحسن القصد وإرادة الأداء فإنه يبرأ من دينه؛ لأن الله يؤدي عنه؟

فالجواب: لا، لا يلزمنا؛ لأن أحكام الدنيا على الظاهر، والظاهر أن هذا الرجل مات وعليه دين فلابد أن يقضى عنه، أما في الآخرة فالأمر إلى الله عز وجل وهو العليم ببواطن الأمور سبحانه وتعالى.

ومن فوائد الحديث: إثبات أفعال الله التي يسمونها الاختيارية وكل أفعال الله اختيارية؛ لأن الله لا مكره له، لكن العلماء يعبرون عنها بأفعال الله الاختيارية لقوله تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار} [القصاص: ٦٨]. من أين يؤخذ هذا القول من هذا الحديث؟ من قوله: "أدى الله عنه"، وأفعال الله هل هي قديمة أو حادثة؟ نقول: في هذا تفضيل؛ أما من حيث الجنس وأصل الصفة فهي قديمة غير حادثة؛ لأن الله لم يزل ولا يزال فعالا، وأما من حيث النوع أو الواحد فهي حادثة، مثال النوع: الاستواء على العرش حادث؛ لأنه كان بعد خلق العرش، النزول إلى السماء الدنيا حادث لأنه بعد خلق السماء الدنيا، الآحاد نزول الله كل ليلة إلى السماء الدنيا هذا آحاد، كذلك كل أفعال الله التي لا تحصى وهو دائما عز وجل يخلق ويرزق ويحيى ويميت كل أفعاله هذه حادثة، الآحاد بالنسبة لتعلقها بالمخلوق المفعول. هل يوجد من ينكر قيام الأفعال الاختيارية بالله؟ الجواب: نعم، هناك من يقولون: إن الله لا يفعل فعلا حادثا، لماذا؟ قالوا: لأن الفعل الحادث لا يقوم إلا بحادث، فلو جوزنا أن يفعل الله الأفعال الحادثة لكان لازم ذلك أن يكون الله حادثا بعد أن لم يكن، وبكن هذا قياس فاسد لمخالفته النص وقياس باطل من أصله؛ لأن هذا التلازم الذي ذكروه ليس بصحيح، أما الأمل فلأننا لو أخذنا بهذا القياس لزم أن ننكر كل فعل من أفعال الله، ومن العجائب أنهم لا ينكرون حدوث المفعول، ثم ينكرون حدوث الفعل، لا ينكرون: إن زيدا وعمرا حادث بعد أن لم يكن، ولكن تعلق الخلق به كان في الأزل معدوم وهذا في الحقيقة عندما تتأمله تراه أنه لا يصح إطلاقا، هل يمكن أن يقع فعل ولا يوجد المفعول؟ يعني: خلق زيد وعمرو متى كان؟ في الأزل الذي لا نهاية له، وكيف يخلق من الأزل البعيد، ثم لا يوجد. في المخلوق إلا في هذا الزمن؟ واضح أنه باطل جدا، فالقول أن

<<  <  ج: ص:  >  >>