قوله:«من أخذ أموال الناس»، "من" هذه شرطية، وجواب الشرط:"أدى الله عنه"، و"من أخذها يريد إتلافها" أيضا شرطية وجواب الشرط: "أتلفه".
قوله:"من أخذ أموال الناس" يشمل من أخذها بقرض، ومن أخذها بعربة، ومن أخذها بوديعة، ومن أخذها ببيع، ومن أخذها برهن أو بأي سبب من الأسباب، إذا أخذها فلا يحل إما أن يكون مريدا للأداء، وأن يؤديها إلى أصحابها فهذا يؤدي الله عنه، إما في الدنيا وإما في الآخرة، ومن أخذها بالعكس يريد إتلافها وتحيل على الناس وباع عليهم شيئا ليس موجودا لأجل أن يأخذ الدراهم منهم ثم يأكلها، أو ارتهن شيئا وهو يريد أن يأكله، المهم أي عقد من العقود يصل به مال الإنسان إلى شخص فأخذه بهذا العقد وهو يريد فإن إتلافه فإن الله يتلفه، وهنا لم يذكر -عليه الصلاة والسلام- مكان الإتلاف ولا زمن الإتلاف، أو كان الإتلاف في الدنيا أو كان في الآخرة، المهم أن من أخذها يريد إتلافها أتلفه الله.
في هذا الحديث فوائد كثيرة منها: إثبات الإرادة للعبد لقوله: "يريد أداءها"، فيكون في هذا رد على الجبرية الذين يقولون. إن الإنسان لا إرادة له ولا اختيار له، وإنما يفعل فعله بغير اختيار فهو يمشي مكرها، ويجلس مكرها وينام مكرها، ويضطجع مكرها، لا اختيار له فيما يفعل، ولا شك أن هذا قول ضلال في الدين، وسفه في العقل؛ لأنه مخالف للواقع، فكل إنسان يعرف أنه يفعل باختياره، ويفرق بين ما يقع منه على وجه الاختيار وما يقع منه على وجه الاضطرار، ولو أنك أخذت واحدا من هؤلاء الجبرية وضربته حتى يغشى عليه، ثم أفاق وقال: لم فعلت؟ فقلت: هذا ليس باختيار مني، ماذا يقول؟ لا يرضى بل يمكن أن يضربك أكثر مما ضربت، ويقول: هذا بغير اختيار مني، ماذا يقول؟ لا يرضى بل يمكن أن يضربك أكثر مما ضربت، ويقول: هذا بغير اختيار مني، وذكروا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جيء إليه بسارق فأمر بقطع يده فقال: مهلا يا أمير المؤمنين إنما فعلت ذلك بقدر الله، فقال: ونحن لا نقطعك إلا بقدر الله، فرد عليه من جنس حجته وإلا فعند أمير المؤمنين عمر حجتان شرعية وهي قوله تعالى:{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}[المائدة: ٣٨]. وقدرية وهي أن الله تعالى لما أمر بقطع يد السارق صار تنفيذه إذا نفذه العبد بإذن قدري وأيضا هو حجة على الذي قال: أنا ما سرقت إلا بقدر الله، المهم أن هذا الحديث دليل على أن العبد له إرادة.
ومن فوائد الحديث: عظم شأن النية، وأنها تكون سببا للفلاح أو الخسارة لقوله:"يريد أدائها" يريد ذاته، وأن النية لها شأن كبير وتأثير عظيم حتى في مجريات الأمور، ولهذا يقول العامة