وعلى هذا فنقول: يجوز الإسلاف في الثمر قبل حصوله، فمثلا تسلم الآن في ثمر عام (١٤١١) بعد سنة لا يضر لا بأس به.
هل نقول: إن هذا الحديث يدل على جواز الإسلام في الحقل المعين لقولهم: "أكان لهم زرع؟ " هذا لا يدل على الجواز، ولا على المنع، لكن قال أهل العلم: إنه لا يصح الإسلام في حقل معين، فتقول: أسلمت إليك عشرة آلاف ريال بزرعك الذي تزرعه في العام القادم، لماذا؟ لأنه قد يزرع وقد لا يزرع، وقج يزرع فيموت فيحصل نزاع، ولكن أسلم هذه الدراهم بشيء في ذمته موصوف، ولكن من المعلوم أن الإنسان لن يسلم إلى شخص دراهم في ثمر إلا إذا كان عنده شيء مما يمكن أن يوفي به، أما إذا لم يكن عنده شيء مما يوفي به، فالغالب أنه لا يسلم إليه في شيء.
ومن فوائد الحديث: أن عدم السؤال عن الشيء يدل على عدم اشتراطه، وذلك لأنه لو كان شرطا لوجب السؤال عنه.
ويبني على هذه الفائدة فائدة أصولية مهمة وهي: أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، فإذا كان احتمال الاستفصال واردا ولم يستفصل كان ذلك دليلا على العموم، وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم، انه إذا ورد النص غير مفصل مع احتمال التفصيل فإن ذلك بدل على العموم غير مراد لفصل لأن الله قال:{وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم}[الأنعام: ١١٩]. انظر الآية:{فصل لكم ما حرم}[الأنعام: ١١٩]، وما أحل لهم يفصل هل هذا قصور؟ لا، لأن الأصل الحل في المأكولات والمشروبات والمطعومات والمباح الذي أباحه الله للعباد أكثر من الحرام الذي حرمه عليهم؛ لأن رحمة الله سبقت غضبه.
٨٢١ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«من أخذ أموال الناس يريد أداءها؛ أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله». رواه البخاري.
هذا الحديث وضعه المؤلف في باب السلم؛ لأن مناسبته ظاهرة، فإن المسلم إليه يأخذ أموال الناس ولا يوفيهم مثمنها إلا بعد أجل، فربما يعرر بالناس فيأخذ منهم الدراهم وهو يريد ألا يوفيهم، فكانت مناسبة الحديث للباب ظاهرة جدا، وهو أن المسلم إليه يأخذ الدراهم فإن كانت نيته طيبة يريد الأداء فإن الله يؤدي عنه، وإن كانت النية سيئة، فإن الله تعالى يتلفه.