قال:"كنا نسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب والزيت"، أربعة أشياء: الحنطة والشعير والزبيب، الحنطة هي البر، والشعير معروف، والزبيب: العنب، والزيت زيت الزيتون، وهو معروف في الشام بكثرة.
قال:"وإلى أجل مسمى" يعني: معين محدد، "فقيل لهما: أكان لهم زرع؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك" يعني: أكان لهم زرع حتى تسلفون عليهم في زروعهم فقالا: ما كنا نسألهم عن ذلك.
فيستفاد من هذا الحديث: حل المغانم بهذه الجملة لقوله: "كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يذكر في هذا الحديث كيف تقسم، وقسمتها معروفة تقسم أولا خمسة أسهم فتوزع أربعة أخماس على المقاتلين، والخمس الآخر يوزع على خمسة أسهم: سهم لله ورسوله، وسهم لذوي القربى، وسهم لأبناء السبيل قال تعالى:{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول}[الأنفال: ٤١] هذا واحد، {ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}[الأنفال: ٤١]. فأما سهم الله ورسوله فيجعل في بيت المال لمصالح المسلمين، وأما سهم ذوي القربى فقد اختلف العلماء في المراد به، فقيل: المراد بذوي القربى؛ قرابة ولي الأمر، وقيل المراد بذوي القربى: قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأقرب؛ لأن لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم حقا لا يشركهم فيه أحد زائدا على حق الإسلام، ولأن ذلك أبعد عن التهمة والأثرة التي يستأثر بها ولي الأمر إذا قلنا: المراد قرابته ربما يستأثر بهذا ويكون ذلك فتح باب عليه، أما اليتامى فهم الصغار الذين ماتت آباؤهم، والمساكين الفقراء وابن السبيل المسافرون هذه خمس، يجعل خمسة أسهم سهم لله ورسوله وهذا يصرف الفيء في عموم مصالح المسلمين وأربعة أخماس لمن عينت لهم.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الإسلام مع الشخص الذي ليس من أهل البلد، ولا يعد ذلك تفريطاً في المال، لقوله: "كان يأتينا أنباط من أنباط الشام".
ومن فوائده: جواز الإسلاف في هذه الأشياء الأربعة: الحنطة، والشعير، والزبيب، والزيت.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد من تعيين الأجل لقوله: "كنا نفعل إلى أجل مسمى"، لكن هل يفيد الوجوب؟ الواقع أنه لا يفيد الوجوب، ولذلك تحرروا لا تستنبطوا أحكاما لا تدل عليها النصوص فتقعوا في حرج، إنما يدل على أن هذا هو المعروف في عهد الصحابة رضي الله عنهم أنهم يعينون الأجل، وحديث ابن عباس السابق يدل على الوجوب.
ومن فوائد الحديث: جواز الإسلاف في الثمر قبل حصوله؛ لقوله: "أكان لهم زرع؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك".