بها، وأما الثاني إذا نقصت فقد يقال إن البائع إذا رضي بها ناقصة فإنه يعطى إياها؛ لأن في هذا مصلحة للمشتري، فمثلا إذا قدر أنها هزلت حتى كانت لا تساوي إلا نصف القيمة وقال: أنا راض بالقيمة كلها، فهنا قد نقول: إنه له حق فيها؛ لأن هذا من مصلحة المشترى حيث إنه سيسقط عنه في هذه الحال نصف الدين.
فإن قال قائل: هذا يضر بالغرماء لو تقاسموها لحصل لهم منها شيء؟
قلنا: إذا كان أخذه إياها وهي تساوي عشرة قد أباحه الشرع مع أن فيه إضراراً بالغرماء فإباحته إذا كانت دون ذلك وأسقط الباقي من باب أولى، والشرع كله مبني على العدل:{إن الله يأمر بالعدل والإحسان}[النحل: ٩٠]. وفي هذا عدل.
من فوائد الحديث: أن البائع له أن يسقط حقه؛ لأن الحق له، يعني: لو أن البائع رحم المشتري والغرماء وقال: أنا أسقط حقي وأجعل نفسي كغريم منهم، فهل له ذلك؟ نعم، لأنه قال:"فهو أحق"، نجعل الحق له، فإذا رضي بإسقاطه فلا حرج عليه، وهذا لمصلحة الغرماء ومصلحة الغريم المفلس، أما الغرماء فظاهر، وأما الغريم؛ فلأنه يسقط من ذمته شيء من ديون الغرماء، وأنتم تعلمون أن الغرماء يختلفون، بعض الغرماء يكون شديدا لا يخاف الله ولا يرحم مخلوقا، فتجد المدين يود أن يقضي دين هذا الرجل حتى يسلم منه، فإذا رضي البائع بأن العين هذه التي هو أحق بها من غيرها تضاف إلى ما لديه من المال، وتجعل للغرماء جميعا فهذا لا بأس به؛ لأن الحق حقه.
- ورواه أبو دواد، ومالك: من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلا بلفظ: «أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقض الذي باعه من ثمنه شيئا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء»؟ .
- ووصله البيهقي، وضعفه تبعا لأبي داود.
لماذا كان مرسلا؟ لأن أبا بكر بن عبد الرحمن تابعي، وليس صحابيا، استفدنا من هذا الحديث المرسل فائدة وهي أنه يشترط ألا يكون البائع استوفى شيئا من ثمنه، فإن كان استوفى شيئا من ثمنه ولو كان درهما واحدا من ألف درهم فليس أحق به من غيره، إذن نضيف هذا الشرط إلى ما سبق من أنه يشترط ألا يتغير ويشترط أيضا ألا يكون قد قبض من ثمنه شيئا فإن كان قد قبض من ثمنه فلا حق له فيه ويكون صاحبة أسوة الغرماء، وهذا الشرط لا يتنافي مع الحديث الصحيح المتصل؛ لأن قوله:"من أدرك ماله بعينه" قد يؤخذ من كلمة "بعينه" أنه إذا