للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبض من ثمنه شيئا لم يصدق عليه أنه وجده بعينه، قد يؤخذ من كلمة "بعينه" أنه إذا قبض من ثمنه شيئا فقد بقي بعض المبيع، وهو الجزء المقابل لما أخذ من الثمن بقي طليقا ليس للبائع فيه حق، وحينئذ يكون لم يجده بعينه.

إذا كان قد باعه بمائة درهم وقبض عشرة كم صار يستحق من هذا المبيع؟ تسعين، يعني: تسعة أعشار المبيع فقط، والعشر الباقي لا حق له فيه، إذا فكأنه لم يدركه بعينه، كأنه أدركه ناقصا، العشر المقابل لما قبضه من الثمن.

على كل حال: سواء أمكن أن نأخذ هذا الشرط أم لم يمكن فإن هذا الحديث المرسل فيه أنه يشترط ألا يكون قد قبض من ثمنه شيئا.

قال: "وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء"، أضف إلى هذين الشرطين السابقين شرطا ثالثا، وهو أن يكون المشتري حيا، فإن مات فصاحب المتاع أسوة الغرماء، يعني: ليس له حق فيه هو وغيره سواء، ونبقى مفرعين على المثال السابق الذي باع عليه سيارة بعشرة آلاف ريال، وكان الدين الذي عليه مائة ألغ لتسعة غرماء آخرين، قلنا: لصاحب السيارة أن يأخذ سيارته عن دينه، لكن لو مات الذي اشترى السيارة قبل أن يأخذ البائع سيارته صار البائع أسوة الغرماء، أي: أن هذه السيارة تكون مشتركة بين الغرماء العشرة بالتساوي، وهذا الشرط أيضا يمكن أن يؤخذ من الحديث من قوله: «من أدرك متاعه بعينه عند رجل قد أفلس» وبعد موته لا يكون أدركه عند الرجل، بل يقال: أدركه عند الورثة، وحينئذ يكون القيد في قوله: "عند رجل قد أفلس" مخرجا لما إذا مات هذا المفلس وانتقل المتاع إلى ورثته، فإنه لا حق لصاحب المتاع فيه بل يكون أسوة الغرماء فإن مات صاحب المتاع فهل يسقط حق ورثته، أو نقول: إن الورثة نزلوا منزلة الموروث وهذا حق يورث؟ الثاني، من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس، هذا الذي باع متاعه على رجل وأفلس الرجل، نقول: أنت الآن أحق بمتاعك من غيرك لكنه مات البائع فهو ينزل الورثة منزلته؟ قال الله تعالى: {ما ترك} [النحل: ٦١]، وهذا حق متروك ثابت للمورث، فإذا كان حقا متروكا ثابتا للمورث دخل في عموم ما ترك أزواجه أو ما تركتم وما أشبه ذلك، إذن المسألة فيها قولان، والقول الراجح: هو أنه يورث فيكون الورثة أحق به من بقية الغرماء؛ لأنه داخل في عموم قوله تعالى: {ما ترك} [النحل: ٦١]، والترك يكون في الأصل، ويكون في الوصف، وكما أن الوارث يرث حق الشفعة وحق الخيار كذلك يرث حق الأخذ بالمال، ولا فرق.

بقي عندنا الجواب عند حجة المعارض، لأننا ذكرنا أن الترجيح لابد فيه من أمرين: إقامة الحجة، والرد على الحجة، إقامة الحجة لك، والرد على حجة المعارض، فيكف يرد على

<<  <  ج: ص:  >  >>