وذريتهم، ومن بين السبي صفية بنت حييي رضي الله عنهما زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين، لكن كيف يعرف المقاتل من غيره؟ كانوا يعرضونهم على الرسول صلى الله عليه وسلم المشتبه فيهم وإلا الواضح فواضح، فمن أنبت قتل ومن لم ينبت لم يقتل؛ لأن من أنبت صار من المقاتلة، ومن لم ينبت لم يقتل؛ لأنه صار من الذرية سبي، وهذا عطية رضي الله عنه كان من اليهود ومن الله عليه، فأسلم، كان ممن لم ينبت فخلي سبيله وأسلم.
من فوائد هذا الحديث: أولاً: أن الله عز وجل قد يمن على من يشاء من عباده فيهدي الضال كما جرى لعطية القرظي، وهل أحد من اليهود أسلم غير عطية؟ نعم، أسلموا وحسن إسلامهم، ومنهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه فإنه حبر من أحبارهم وسيد من أسيادهم.
ومن فوائد الحديث: جواز الكشف عن العورة عند الحاجة إليه لقول: «عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فكان من أنبت قتل»، ومعلوم أنه لا يعرف أنه أنبت أو لم ينبت إلا بالكشف عن مؤتزره، ولكن يجب أن يكون ذلك بقدر الحاجة فإذا كان يمكن أن نعرف أنه أنبت أو لم ينبت بدون أن نكشف عن السوءة لم يجز أن نكشف عن السوءة؛ وإذا كان لا يمكن إلا بالكشف عن السوءة كشفنا عن السوءة، المهم أن العورة ينظر إليها بقدر الحاجة فقط.
ومن فوائد الحديث/ جواز الحكم بقت المقاتلة كما فعل سعد بن معاذ وأقره النبي صلى الله عليه وسلم بل أقره الله.
ومن فوائد الحديث: فضيلة سعد بن معاذ رضي الله عنه؛ حيث وافق حكمه حكم الله سبحانه وتعالى.
ومن فوائد الحديث: أن من لم ينبت فهو من الذرية فيكون سبياً وغنيمة للمسلمين لقوله: «ومن لم ينبت خلي سبيله».
ومن فوائد الحديث: أن من بلغ من الناس فإنه لا يكون في منزلة أبيه في الجنة، وإنما الذرية الذين يكونون مع آبائهم هم الذين لم يبلغوا؛ لأن قول سعد:«تسبي ذريتهم» ثم يكشف عن المؤتزر فمن أنبت قتل علم أن لفظ الذرية لا يكون إلا لمن لم يبلغ، ولأن من بلغ استقل بنفسه، فله منزلة؛ ولهذا قال الله تعالى:{والذين أمنوا وأتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}[الطور: ٢١].
فجعل الذي يلحق بأبيه المتبع الصغير الذي يكون إيمانه تبعاً لأبيه، ويدل لذلك أيضاً من حيث العقل أننا لو قلنا بأن المراد بالذرية ما يعم البالغين، لكان أهل الجنة كلهم في منزلة واحدة، وقال: أبناء الأبناء كذلك، وصار الناس كلهم في منزلة واحدة، فيقال: من بلغ لم يشمله حكم الذرية التابعة فيكون في منزلته التي يستحقها، ومن لم يكن بالغاً، فإنه في منزلة أبيه، وهذا هو السر، والله أعلم في التعبير بقوله:{وأتبعتهم ذريتهم بإيمان}