المطالبة بجميع حقه، فإذا صالحته على أن يسقط عنك نصف الدين فقد حرمت عليه الحلال، ما هو الحلال؟ بقية دينه، وهذا لا يجوز، فإن أقر له، وتوسط أناس بينهما على أن يسقط عنه بعض الدين بعد الإقرار يجوز؛ لأن هذا ليس بصلح إذ إن الحق قد ثبت الآن، ولكن هذا من باب الشفاعة على إسقاط بعض الحق وهذا جائز «اشفعوا تؤجروا».
هناك فرق بين أن أقول: لا أصالحك إلا بكذا وبين شخص تم الإقرار وثبت له الحق ثم شفع إليه شخص آخر على أن يسقط منه، فهذا لا بأس به وهو جائز، ولا يعد هذا من باب الصلح الذي أحل حراما أو حرم حلالاً بل هو من باب الشفاعة التي أسقط بها الإنسان بعض حقه.
رجل عنده دين لشخص يحل بعد سنة فاصطلحا على أن يعجل الدين، ويسقط بعضه، وأقر له، قال: نعم، عندي لك ألف ريال لكن لو تحب أن أعطيك ثمانمائة الآن نقداً وتسمح عن المائتين، قال: ليس عندي مانع، هذا جائز على القول الراجح، لأنه ليس فيه ربا، هذا فيه مصلحة للطرفين ليس فيه ربا لأن صاحب الحق لم يأخذ أكثر من حقه بل أخذ أقل من حقه واستفاد المطلوب بسقوط بعض ما عليه واستفاد الطالب بالتعجيل ففيه مصلحة والربا على العكس من ذلك، الربا فيه ظلم لأحد الطرفين وذهب بعض العلماء بأن هذا لا يجوز، قال: لأن هذا شراء مؤجل بمعجل وأنت لو اشتريت ألف ريال بثمانمائة نقداً لكان هذا ربا لا يجوز، قال: هذا مثله، وأنك أخذت الآن ثمانمائة عن ألف، لكن هذا القول قول ضعيف، لأن هذا ليس من باب المعاوضة، هذا من باب الإسقاط، صحيح أنك لو جئت إلى رجل ثالث وقلت: أنا طلب من فلان ألف ريال الألف ريال التي في ذمته بثمانمائة أعطني ثمانمائة وأنا أحيلك عليه هذا لا يجوز، أما رجل أبرأته من بعض دينه فليس في هذا ربا ولا بيع وشراء أيضا بل هذا يسمى إسقاطا وإبراء.
والحاصل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطانا قاعدة أصلها لنا: «الصلح جائز إلا صلحاً أحل حراماً او حرم حلالا» وهذا يشمل كل شيء، هل يشمل المصالحة على الدية فيمن يثبت عليه القصاص؟ يعني: رجل قتل رجلا عمداً عدوانا محضا، فطالب أولياء المقتول بالقصاص، فثبت القصاص: فصالح المحكوم عليه أولياء المقتول على أن يسقطوا عنه القصاص بمال جائز، ولكن هل يجوز المصالحة بأكثر من الدية، يعني: الدية عندنا الآن مائة ألف قال أولياء.