المقتول: لا نسقط القصاص عنك إلا إذا أعطيتنا مليونا هل يجوز؟ هذا فيه خلاف، فمن العلماء من يقول: لا يجوز أن يصالح بأكثر من الدية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل له قتيل فهو يخبر النظرين إما أن يقتل وإما أن يودي» ولم يذكر شيئاً ثالثا ومن العلماء من قال: إنه يجوز؛ لأن هذا هو الذي ورد عن الصحابة، ولأن هذا حق لأولياء المقتول فلهم ألا يسقطوه إلا بعوض يريدونه.
على كل حال: إذا قلنا بالمصالحة بمقدار الدية فالأمر فيه ظاهر، وإذا قلنا بالمصالحة فهل يدخل تحت الحديث:«الصلح جائز بين المسلمين» أو نقول: يدخل تحت الحديث في قوله: «إلا صلحاً أحل حراماً» لأن هذا الصلح أحل حراما ًوهو الأخذ من مال القاتل أكثر من الدية؟ الظاهر الأول أنه داخل في الصلح، لأن أخذنا من مال القاتل هنا باختياره وليس مكرهاً على ذلك، ولأنه هو الذي تسبب في استباحة دمه، فإذا كان هو الذي تسبب في استباحة دنه فإننه هو السبب الأول والأخير.
ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراماً» يعني: أنهم إذا اشترطوا فإن هذه الشروط لازمة، ودليل هذا من القرآن قوله تعالى:{يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود} فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء بأصله ووصفه، والشروط من أوصاف العقود، ولقوله تعالى:{وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} والذي اشترط على نفسه شرطاً قد تعهد به فيكون داخلا في ذلك، إذن المسلمون على شروطهم، متى يثبت الشروط بين المتعاقدين وجب الوفاء بها إلا أن يسقطها من هي له فإن أسقطها من هي له فهي حقه، يعني: لو قال الذي شرط له هذا الشرط: أنا أسقطته فله ذلك مثاله باع شخص على آخر بيتا واشترط البائع سكني البيت لمدة سنة فوافق المشتري على هذا، هل يلزمه الوفاء به؟ يلزم يعني: معناه انه لا يجوز للمشتري أن يمنع البائع من سكناه هذه المدة فإن قال البائع: أنا أسقطت شرطي ولا أريد السكني لأن الله يسر لي بيتي هل له ذلك؟ له ذلك، لأنه أسقط حق نفسه، ولا مانع من أن يسقط الإنسان حق نفسه لأنه له، قال:«إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً»«حرم حلالاً» بأنه إذا فعل ذلك صار مضاداً لحكم الله عز وجل «أو أحل حراماً» فهو مضادة لحكم الله، مثال الأول «أحل حراما» إذا قال: بعتك مائة ريال بمائة ريال إلى أجل هذا بيع مشترط فيه الأجل هل يصح اشتراط هذا الأجل؟ لا، لماذا؟ لأنه ربا أحل حراماً إذ إن بيع الفضة بالفضة لابد فيه من التقابض ببذل العقد، قال: بعتك مائة درهم بتسعين درهماً نقداً يعني: بشرط ألا تسعين درهماً هذا لا يجوز؛ لأنه أحل حراماً؛ إذ ن بيع الفضة بالفضة لابد فيه من التقابض ببذل العقد، قال: بعتك مائة ردهم بتسعين درهما نقداً يعني: بشرط ألا أعطيك إلا تسعين درهماً هذا لا يجوز، لأنه أحل حراما، بعتك هذه الناقة بشرط أن يتبعني ما في بطن ناقتك لا يجوز؛ لأن الشرط مجهول، بعتك هذا الست بشرط أن ترهنني ولدك لا يجوز، لأن رهن الولد حرام.