للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: قال: «أو حرم حلالاً» يعني: باعه شيئاً وقال له: أبيعك هذا الشيء بشرط أن تمتنع من شيء أحله الله، فهذا أيضاً لا يجوز، ولكن كما قلت لكم قبل قليل: إن كل الشروط لابد فيها من إسقاط مباح حتى المصالحة فلابد أن يكون هناك شرط يحرم الحلال الذي أحله الله.

على كل حال: شرط الولاء للبائع هذا لا يجوز؛ لأنه بالنسبة للبائع أحل له حراماً، لماذا؟ لأن الولاء ليس له فأحل له الحرام، بالنسبة للمشتري حرم عليه الحلال؛ لأن الولاء من حقوقه، فإذا اشترط عليه للبائع ففيه تحريم الحلال.

- رواه الترمذي وصححه، وأنكروا عليه، لأن راوية كثير من عبد الله بن عمرو بن عوف ضعيف، وكأنه اعتبره بكثرة طرقه.

- وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

قال: «رواه الترمذي وصححه» أي قال: إنه صحيح، والصحيح حجة، لأنه لا يكون صحيحاً إلا باجتماع خمسة شروط وهي: أن يكون الراوي عدلاً تام الضبط، ويكون السند متصلاً وأن يكون غير معلل ولا شاذ، هذا هو الصحيح، فالترمذي رحمه الله صحح الحديث، لكن أنكروا عليه وهم أئمة المحدثين وقالوا: كيف يصح ورواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو ضعيف، ونحن نقول: من شروط الصحيح أن يكون الراوي عدلا تام الضبط، فإذا كان الراوي ضعيفا فإننا نحكم بضعفه، ولا نقول صحيحاً، وبناء على ذلك هل لك إذا رأيت الحديث بسند ضعيف تعرف أن أحد رواته ضعيف هل لك أن تقول: ضعيف؟ لا، لأنه ربما يروى بسند آخر لهذا الحديث: وإما أن تقيد، فتقول: هو ضعيف من هذا الوجه؛ لأنك إذا قلت: ضعيف من هذا الوجه خرجت من عهدته، لكن إذا قلت: ضعيف وحكمت عليه بالضعف الموجب رده وهو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه مسألة ليست هينة، ولذلك لا ينبغي للإنسان أن يحكم على ضعف الحديث بمجرد أن يجده بسند ضعيف إلا إذا تتبع الطرف ولم يجده مروياً إلا من هذا الوجه فحينئذ يحكم بضعفه، وإلا فيجب عليه أن يقيد ويقول: هو ضعيف من هذا الوجه حتى يخرج من عهدته، وكما قرأنا في علم المصطلح أن الرجل قد يكون ضعيفاً باعتبار شيخ من المشاريخ، يعني: أن روايته عن هذا الشيخ ضعيفة وروايته عن المشايخ الآخرين صحيحة، عاصم بن أبي النجود أحد القراء الذين تلقي القرآن منهم ومع ذلك هو في الحديث ضعيف؛ لأن الرجل جعل همته كلها في القرآن والبحث عن طرق القراءات فاشتغل بتحقيق القرآن عن الأحاديث فلهذا صار من حيث السند في الأحاديث ضعيف لكن في القرآن حجة تلقته الأمة كلها بالقبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>