للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كل حال: أنا أقول: حتى ولو كان الراوي ضعيفا فاعلم أنه قد يكون ضعيفاً بالنسبة لشخص، قويا بالنسبة لشخص آخر، فإذا روى هذا الرجل الحديث عن فلان قلنا: ضعيف وإذا روى عن فلان آخر قلنا: ضعيف، ولهذا تجدون في بعض الأحيان في تراجم الرواة: «فلان ضعيف في شيخه الفلاني» يعني: إذا روى عن هذا الشيخ صار ضعيفاً، فلان ضعيف في الشاميين، فلان ضعيف في المكيين، ولهذا علم الحديث من أشد العلوم حاجة إلى المواصلة والتعهد؛ لأنه دقيق، علم الفقه وغيره من المعلوم يستطيع الإنسان أن يحيط به بسهولة، لكن هذا لا يقدر، لأنه مشكل إن اعتمد على صحيح رواية هذا الرجل من طريق واحد وهو ضعيف في الطريق الآخر صار الجاهل كلما وجد هذا الرجل قال: إن الحديث صحيح؛ لأنه لا يعرف أنه يكون صحيحاً من وجه، وإن روى من وجه آخر فهو ضعيف، فعلم المصطلح علم مهم يحتاج إلى عناية.

الترمذي رحمه الله صحح الحديث لكنهم أنكروا عليه لهذا السبب، قال: وكأنه أعتبر هذا اعتذار عن الترمذي من ابن حجر، كأنه- يعني: الترمذي- اعتبر الحديث بكثرة طرقه، واستفدنا من هذا فائدة: أن الضعيف بكثرة الطرق يصحح، لكن هذا أيضاً فيه نظر، لأن الضعيف بكثرة الطرق يصل إلى درجة قبل الصحة وهي الحسن، لكن الترمذي أحياناً يريد بالصحيح الحسن، وهذا اصطلاح خاص بالترمذي، فيكون معنى تصحيحه إياه أنه حجة لا أنه معناه أنه بلغ الرتبة العليا لكن صحيح على أنه حجة مقبولة، ومعلوم أن الحديث الحسن عند العلماء حجة مقبولة، يعمل به، هذه نكت جيدة في علم المصطلح.

«وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه» يعني: إذن من طريق آخر، وحينئذ يكون هذا الحديث الذي صححه ابن حبان عن أبي هريرة شاهداً، لأنه جاء من حديث صحابي آخر، لكن لو جاء من حديث شيخ آخر والصحابي واحد يسمى متابعا.

نرجع لشرح الحديث، الصلح أنواع: صلح في الحقوق، وصلح في الأموال، وصلح في الحروب، وصلح في السلم، وذكرنا من صلح الحروب/ صلح الحديبية الواقع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش، الصلح في الحقوق كالصلح بين الزوجين، الصلح في الدماء كالصلح بين الطائفتين المقتتلين، الصلح في الأموال يدخل فيه هذا الحديث العام: «الصلح جائز بين المسلمين» قال العلماء: الصلح في الأموال إما على إقرار وإما على إنكار، الصلح على الإقرار مثل: أن يدعي شخص على آخر بشيء فيقر له ثم يصالحه على عوض عنه سواء كان المدعي به ديناً أو عيناًن وهذا لا شك في جوازه من الطرفين، مثال ذلك: ادعى شخص على آخر بألف

<<  <  ج: ص:  >  >>