للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ريال، فقال: نعم عندي لك ألف ريال، ولكن أريد أن أصالحك على هذا المسجل يعني: أعطيك هذا المسجل بدلاً عن ألف ريال فوافق، هذا يجوز، وسواء كان المسجل يساوي ألف ريال أو يساوي أقل أو يساوي أكثر، الصلح على عين، يعني: إذا كان المدعي به عينا.

قال شخص لآخر: أنا أدعي عليك بأن هذا المسجل لي، قال: نعم، أنا أقر بذلك لكن أريد أن أصالحك على أن تأخذ بدلاً عنه مسجلاً آخر هذا يجوز من الطرفين ولا إشكال فيه، وحقيقته أنه بيع، وإن سمي صلحاً فهو بيع، صالحته عن دين مؤجل ببعضه حالاً يعني: شخص يطلب من شخص مائة ريال مؤجلة إلى سنة فقال: أصالحك على ثمانين ريال نقداً حاضرا يجوز على القول الراجح، لأن هذا ليس من الربا في شيء، فإن صاحب الحق لم يأخذ زيادة وإنما تنازل أصلاً، فهو ضد الربا في الواقع، لكنه أنتفع بشيء وهو تعجيل حقه، فالطالب انتفع بالتأجيل والمطلوب انتفع بالإسقاط فلا ظلم لا في هذا ولا في هذا؟ .

الصلح على إنكار أن يدعي شخص على آخر بألف ريال فيقول المدعي عليه: لا ما عندي لك شيء ثم يخشى أن يحاكمه فيقول: أنا أصالحك على ألف ريال بثمانمائة ريال ودعنا من الخصومة والنزاع، هذا جائز في حق المظلوم، حرام في حق الظالم، أيهما الظالم؟ يحتمل إذا كان المدعي كاذبا، فالمظلوم المدعي عليه، لكنه افتدى بثمانمائة عن ألف خوفاً من المحاكمة إذن المنكر هو الكاذب، والمدعي صادق له، في ذمة هذا الرجل ألف ريال والمنكر كاذب فهنا الظالم المدعى عليه، الصلح هذا جائز ونافذ ظاهراً يعني: في ظاهر الحكم، في الظاهر للناس نافذ لكن في الباطن- أي: ما في بين الإنسان وبين ربه- لا ينفذ في حق الظالم ولا يبرأ منه يوم القيامة؛ لأنه ظالم إما معتد في الدعوى أو معتد في الأنكار، إن كان الكاذب المدعي فهو معتد في الدعوى، وإن كان الكاذب المنكر فهو معتد في الإنكار، إن كان الكاذب المدعي فهو معتد في الدعوى، وإن الكاذب المنكر فهو معتد في الإنكار، المهم أن هذا الصلح صحيح ظاهراً فاسد باطناً، فلو كان المصالح عليه عينا لم يحل للظالم الانتفاع بها، يعني: مثلا ادعى عليه بألف ريال قال: ما عندي لك شيء، فلما رأى أنه سيحاكمه قال: أصالحك عن هذا بهذا المسجل، فأخذه المدعي وهو كاذب فاستعماله لهذا المسجل حرام: كل مرة يستعمله فهو آثم، لأنه ظالم معتد فصار الصلح الآن نوعين على إقرار وعلى إنكار، والذي على إقرار إما على دين، وإما عن عين وكلاهما جائز صحيح، لأنه يفيد الطرفين، وليس فيه كذب ولا إنكار، والنوع الثاني: صلح على إنكار فهذا حكمه أنه جائز صحيح في حق المظلوم حرام فاسد في حق الظالم، سواء كان هو المنكر أو هو المدعي، الشروط الأصل فيها الحل إلى ما أحل حراماً أو حرم حلالاً، والشروط يجب الوفاء بها لقول الله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود}.

والأمر بالوفاء بالعقد شامل للوفاء بأصل العقد وبوصفه، ووصف العقد هي الشروط المشروطة فيه، الأصل فيها الحل بناء على القاعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>