للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والأصل في الأشياء حل وامنع ... عبادة إلا بإذن الشارع)

هذا بيت مفيد جداً، كل الأشياء الأصل فيها الحل، والأصل في العبادات الحظر إلا بإذن الشارع، والأصل في غير العبادات من الأعيان، والمنافع والشروط وغيرها الحل، ويدل لذلك أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو بالطل» فأما ما في كتاب الله حله فهو صحيح نافذ إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، ادعى على رجل بمائة ألف صالح المدعي بولده هل يجوز؟ لا يجوز، لأنه أحل حراماً وهو استرقاق الحر وهو محرم، يقول عز وجل في الحديث القدسي: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره» هؤلاء خصمهم الله عز وجل، ومن كان الله خصمه فهو مخصوم مغلوب.

رجل باع على شخص أمة، واشترط البائع على المشتري أن يطأها البائع لمدة سنة، ما تقولون؟ لا يجوز.

رجل اشتري أمة واشترط المشتري أن يطأها دائماً فهذا يجوز، لأنها ملكه.

نعود مرة أخرى للفوائد، وقبل الفوائد ننبه على أن تصحيح الترمذي للحديث واعتذار ابن حجر عنه هذا يعتبر من ابن حجر من الأخلاق الفاضلة، أن الإنسان يلتمس العذر لأخيه ما وجد له محملاً لاسيما إذا كان الإنسان المعتذر عنه معروفاً بالاستقامة والنصح، فإنه لا ينبغي للإنسان أن يتتبع هفواته وزلاته بل يعتذر عنه ما أمكن، احمل الكلام على أحسنه ما وجدت له محملاً، أما من اتبع هفوات الناس فإن يدخل في الحديث: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في حجر أمه» لكن الإنسان الفاضل هو الذي يلتمس غيره له العذر، لكن في الواقع أن ابن حجر رحمه الله قال: إنه ضعيف والعلماء تكلموا فيه كلاماً شديداً، في الحاشية عندي قال الشافعي وأبو داود: هو ركن من أركان الكذب- الذي هو كثير- ولكن الحديث من حيث المعنى صحيح لا شك فيه وتشهد له الأدلة الشرعية، ولعل الترمذي أيضا صححه لا باعتبار السند ولكن باعتبار المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>