للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كل حال في هذا الحديث فوائد: أولاً: جواز الصلح بين المسلمين لقوله: «الصلح جائز» وقد ذكرنا أن كلمة «جائز» تشمل الجواز التكليفي، والجواز الوضعي، فنقول في الجواز التكليفي: جائز. وليس بحرام، ونقول في الجواز الوضعي: نافذ وليس بفاسد.

فإن قال قائل: منطوق الحديث جواز الصلح بين المسلمين، مفهومه عدم جواز الصلح بين المسمين والكافرين أو بين الكافرين؟

فيقال: هذا القيد أغلي «بين المسلمين» والقيد الأغلبي لا يكون مفهومه مخالفاً لمنطوقه، ولهذا جرى الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش، وهو صلح بين مسلمين وكافرين، وكذلك لو تصالح كافران واحتكما إلينا، وجب علينا أن ننفذ الصلح إذا لم يكن مخالفاً للشرع، إذن هذا القيد أغليي.

ومن فوائد الحديث: أن حكم الله سبحانه وتعالى لا يغيره حكم المخلوق لقوله: «إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراماً» فكل شيء يجري بين الناس مخالفا للشرع فإنه لا ينفذ، لأن حكم الله هو الحكم الأحسن: {من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} [المائدة: ٥٠].

ومن فوائد الحديث: أن حكم الله سبحانه وتعالى- لا يغيره حكم المخلوق لقوله: «إلا صلحا حرم حلالاً أو أحل حرامأً» فكل شيء يجري بين الناس مخالفا للشرع فإنه لا ينفذ، لأن حكم الله هو الحكم الأحسن {من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} [المائدة: ٥٠]

ومن فوائد الحديث: جواز الشروط بين الناس لقوله: «والمسلمون على شروطهم» وكذلك نقول في المسلمون على شروطهم إنه قيد أغلبي فإذا وجدت الشروط بين المسلم والكافر في عقد من العقود فهي نافذة، وكذلك لو وجد شروط بين الكافرين في عقد من العقود فهي نافذة.

ومن فوائد الجملة الأخيرة: أن الشرط المخالف للشرع باطل غير نافذ لقوله: «إل شرطاً حرم حلالا أو أحل حراماً»

ومن فوائده: أن حكم الشرع فوق حكم المخلوق، ولهذا إذا خالف شرط المخلوق شرط الخالق وجب إبطاله.

ومن فوائد الحديث: من عمومه: بطلان جميع الأنظمة المخالفة للشرع، لأن الأمر المخالف للشرع [عبارة عن] شروط توضح وضعها البشر، فكل القوانين المخالفة للشرع مهما كان واضعها فهي فاسدة لا يجوز تنفيذها بل يجب إبطالها، وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم الشرط الفاسد حتى بعد أن اشترط في قصة بريرة.

٨٣٦ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع جار جاره ن يغرز خشبة في جداره ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: ما لي أراكم عنها معرضين؟ والله لأرمي نبها بين أكتافكم» متفق عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>