الثالث: بحاله، يعني: ألا يكون مماطلاً فإن كان غنياً يمكن إحضاره لمجلس الحكم لكنه مما طل لا يوفي فإنه ليس بمليء، إذن فالمليء من يمكن استيفاء الحق منه بماله وبدنه وحاله، فإن كان فقيرا فإنه لا يجب التحول عليه مثل أن يحيلك شخص على آخر بدراهم تطلبه إياها لكن هذا المحال عليه فقير ليس عنده مال فإنه لا يلزمك أن تتحول، لأن في ذلك إضرار عليك. ببدنه: فلو أحالك على أبيك قال: أنت تطلبني مائة ريال وأن أطلب أباك مائة ريال فأنا حولتك على أبيك فإنه لا يلزمك أن تتحول لماذا
لأنه لا يمكن أن تحاكم أباك وتحضره إلى مجلس الحكم، لو أحالك على سلطان فإنه لا يلزمك أن تتحول، لماذا؟ لأنه لا يمكن مطالبته وإحضاره لمجلس الحكم رجل أمير في القرية أو شيخ القبيلة مثلا لا يمكن إحضاره لمجلس الحكم فلا يلزمك أن تتحول، فلو أحالك على شخص معروف بالمماطلة لا يمكن أن يوفي بل يلعب على الناس فإنه لا يلزمك أن تتحول، لأن في ذلك إضراراً بك؛ إذ يستحيل عليك أن تستوفي مالك.
وقوله صلى الله عليه وسلم:«فليتبع» اللام هنا للأمر ولام الأمر مكسورة إلا إذا وقعت بعد حرف من حروف العطف وهي الواو والفاء وثم فإنها تكون ساكنة قال الله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته}[الطلاق: ٧] مكسورة هنا، {من قدر عليه رزقه فلينفق} ولم يقل: فلينفق، لماذا؟ لأنها أتت بعد الفاء، وقال تعالى:{ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم}[الحج: ٢٩] ولم يقل: ثم ليقضوا لأنها وقعت بعد {ثم} و [ليوفوا] ولم يقل: وليوفوا؛ لأنها وقعت بعد الواو هنا «فليتبع» بسكون اللام، لأنها وقعت بعد الفاء ومعنى «فليتبع» أي: فليحتل كما تفسره رواية أحمد، وهذا اللام قلنا: إنها للأمر، ولكن هل الأمر للوجوب أو الأمر للاستحباب والإرشاد؟ اختلف في هذا أهل العلم، فمنهم من قال: إن الأمر للاستحباب وليس للوجوب؛ لأن صاحب الدين الذي أحيل يقول: أنا لا أقبل إلا من لي عليه الدين، والآخر ليس لي عليه دين ولا سبيل فلا يلزمني أن أتحول، وقال بعض العلماء: بل الأمر للوجوب؛ لأنه ذكر بعد قوله:«مطل الغني ظلم» حيث إنه قال: وتحول المحال على المليء عدل، والعدل واجب، وهذا القول الثاني هو المشهور من مذهب الإمام أحمد على أنه يجب أن يتحول إذا أحيل على مليء ولكن جمهور أهل العلم يرون أن التحول ليس بواجب، وأنه من باب حسن الاقتضاء، فإن فعله الإنسان وتحول كان ذلك خيراًن وإن لم يفعل فهو حر؛ لأنه لا يلزمه أن يستوفى دينه من غير مطلوبة، مثال ذلك: زيد يطلب من عمرو مائة ريال وعمرو يطلب من بكر مائة ريال، فقال عمرو لزيد: أحلتك بالمائة التي لك على المائة التي لي عند بكر وكان بكر مليئاً فهل يلزم زيدا أن يتحول؟ على قول من قال: إن اللام في قوله: «فليتبع» للوجوب يجب على زيد أن يتحول، وعلى القول