الثاني لا يجب، ولكنه إذا تحول فله أجر؛ لأن هذا من حسن الاقتضاء، وربما تناله الرحمة التي دعا بها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:«رحم الله امرأ سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتض».
في هذا الحديث فوائد كثيرة: أولاً: تحريم مطل الغني لقوله: «مطل الغني ظلم» والظلم حرام لقول الله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم}[الشورى: ٤٢] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الظلم ظلمات يوم القيامة»
ومن فوائده: أن مطل غير الغني ليس بظلم، يؤخذ من قوله:«مطل الغني» وهذا وصف مناسب للحكم وهو كن المطل ظلماً فإذا كان مناسباً للحكم كان قيداً فيه فإذا مطل الإنسان الفقير فليس بظالم، بل الظالم من يطالبه لقوله الله تعالى:{إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}[البقرة: ٢٨٠]
ومن فوائد الحديث: أنه إذا لم يطالب صاحب الحق بحقه فإن تأخير وفائه ليس بظلم، كشخص أقرض شخصاً مائة ريال، ولم يقيده بأجل، ولم يطالبه به، فنقول: ما دام المقرض لم يطالبك فلست بظالم، لماذا؟ لأنك لست بمماطل وهو كذلك، لكن إن علم من قرينة الحال مثل أن نعلم أن هذا الطالب فقير لكنه رجل كريم خجول لا يطالب أحداً فمطله حينئذ ظلم، لأننا نعلم أن الأمر لو عاد إليه لطالب لكنه رجل خجول وكريم، ولا يحب أن يقول لأحد: أعطني حقي، فإذا منعته حقه فإنك مماطل فتكون ظالماً، أما لسان المقال فمثل أن يؤجل الحق إلى أجل، فإن الحق إذا أجل إلى أجل كان ذلك دليلاً على أن صاحبه يريد وفاؤه إذا جاء ذلك الأجل، مثل أن يقول بعتك هذا الشيء بمائة ريال تحل على رأس المحرم في أول يوم منه، فإذا جاء أول يوم من محرم وجب على المشتري أن يسدد؛ لأن تأجيله هذا الأجل المعين، يعني: أنه إذا جاء هذا الأجل وجب على المطلوب أن يوفي الطالب،
ومن فوائد الحديث: إثبات القصاص بين الناس، لأن الظلم لابد أن يقتص منه صاحبه، أي: المظلوم كما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من تعدون المفلس فيكم؟ » قالوا: من لا درهم عنده ولا دينار، أو قالوا: ولا متاع، فقال: المفلس من يأتي بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذان وأخذ مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار.
ومن فوائد الحديث أن لصاحب الحق أن يطالب من عليه حقه ووجه الدلالة: أنه جعل