للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاهد من هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلك وكل هذا الرجل في إثبات الحد وفي تنفيذ الحد يعني: استيفاؤه، فدل هذا على أنه يجوز للإمام أن يوكل من يثبت الحد بالإقرار أو بغيره ويجوز أيضا للإمام أن يوكل من يستوفي الحد، فلو قال مثلا القاضي أو الإمام ومن له تنفيذ الحدود: يا فلان، اذهب إلى فلان فإن اعترف بالسرقة فاقطع يده، فذهب إليه فاعترف، فإنه يقطع يده بناء على توكيل الإمام في هذا الحديث، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن اعترفت فارجمها» ولم يقل: إن اعترفت أربع مرات، ولا إن اعترفت مرتين، إنما قال: «إن عرفت» فقط، ففيه دليل على ان الاعتراف بالزنا يكفي فيه مرة واحدة، وقد جرى مثل ذلك للغامدية، وحيث اعترفت مرة واحدة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليها، وفعلاً قالت للرسول صلى الله عليه وسلم أتريد أن تردني كما رددت ماعزاً رضي الله عنه، لكن يشكل على هذا قصة ماعز بن مالك رضي الله عنه حيث جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني زنيت، فتنحى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فأعاد عليه، وقال: يا رسول الله، إني زنيت، فتنحى عنه، فأعاد عليه ثالثة، فتنحى عنه، فأعاد عليه رابعة، وقال: إنه زنى، فقال: «شهدت على نفسك أربعا قال: أبك جنون» قال: لا، وسأل عنه من يعرفه هل في الرجل شيء، حتى ذكر أن الرسول أمر من يقوم يستشمه لعله شرب خمراً، فلما تمت القضية أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه فرجمه الناس، فلما أذلقته الحجارة ومسته هرب رضي الله عنه حتى لحقوه وأدركوه وأتموا عليه فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه» ما عنفهم ولا قال: اضمنوا الرجل؛ لأنهم إنما رجموه بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ما علموا أنه إذا هرب يترك، فهم استندوا على أمر شرعي، المهم: أن بعض أهل العلم أخذ بحديث ماعز وقال: لابد في الإقرار بالزنا من أربع مرات، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شهدت على نفسك أربعا» وقالوا: إنه لما كان لابد في ثبوت الزنا من شهادة أربع رجال كان لابد في الإقرار به من تكرار الإقرار أربع مرات، ولكن كل هذه أدلة ضعيفة والصحيح أن الزنا يثبت بالإقرار مرة إذا أتمت شروط الإقرار، ولا يحتاج إلى تكرار، لأنه شهد على نفسه، قال الله تعالى: {يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} [النساء: ١٣٥] وهل الشاهد إذا شهد نقول: كرر الشهادة، لو جاء إنسان يشهد يقول: أشهد أن فلانا يطلب فلاناً من أجل ألف ريال هل نقول: كرر؟ لا، ما نقول هذا؛ لأنه شهد على نفسه فلا حاجة إلى التكرار، وقصة ماعز قضية عين، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من لم يشهد أربع مرات فلا تقيموا عليه الحد، قضية عين، ويظهر فيها- إذا تأملتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى من هذا الرجل أنه لابد

<<  <  ج: ص:  >  >>