من استثبات؛ ولهذا سأله:«أبك جنون؟ » وأمر الناس أن يشموه وسأله عنه من حوله، كل هذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد بالتكرار الاستثبات والتثبيت؛ لأن المسألة ليست هينة، بل فيها قتل فيرجم حتى يموت، فلهذا استثبت الرسول صلى الله عليه وسلم وأما قولهم إن الرسول قال:«شهدت على نفسك أربع مرات» فنعم نقول: الرسول ما قال: ولو شهدت أقل من أربع ما أقمنا عليك قال: «شهدت على نفسك» يعني: والآن ما بقي شيء، وأما قياسه على الشهادة فمن أبطل القياس؛ لأننا لو قسناه على الشهادة لقلنا: إذن والمال لابد فيه من مرتين؛ لأنه لابد من رجلين في المال فلابد من الإقرار مرتين ولم يقل به أحد، حتى الذين قالوا بالإقرار أربعاً في الزنا ما قالوا بالإقرار مرتين في الأموال وشبهها، ويدل لذلك حديث أبي هريرة حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأنيس:«إن اعترفت فارجمها» ولم يقل: إن اعترفت أربعاً، ولكن في الحديث إشكال وهو كيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنيس:«اذهب فإن اعترفت فارجمها» مع أن الأفضل لمن أتى حدا أن يستر على نفسه ولا ينبغي لمن زنى أن يذهب للقاضي ويقول: إنه زنى، يعني: فعل ماعز جائز ولكن ليس هو الأفضل، بل الأفضل أن يستر على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، فكيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أنيساً أن يذهب ليقرر المرأة؟ نقول: إنما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لأن المسألة اشتهرت فالرجل صار يسأل وزوج المرأة حاضر ووافق على قول والد العسيف، هذا قرينة تدل على الأمر واقع، وما دام وقع واشتهر فلا ينبغي كتمانه؛ لأن هذا ضرر إذا اشتهرت الفواحش وكتمت فففيها شر، فلما اشتهر هذا الأمر كان لا وجه لستره، ولذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه من يقررها فلما أقرت رجمها.
هل يجوز التوكيل في الصلاة؟ إنسان قال لأخيه: أنا الآن بي نوم وأنام قبل أن يؤذن العشاء فوكلتك أن تصلي العشاء؟ لا يجوز إذا وكله في الوضوء والصلاة أيضا لا يجوز، لماذا، لأن هذا عبادة متعلقة ببدن الإنسان، لو وكله في الصوم لا يجوز، وكله في الحج؟ فيه تفضيل إذا كان عجز عن الحج عجزاً مستمراً جاز كما جاءت به السنة وإلا فلا يجوز.
في هذا الحديث فوائد: ولتكم الفوائد دائرة على جميع القصة، جواز استئجار الأجير للخدمة، وجه ذلك: أن هذا العقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعلم به وأقره.
وفيه خطورة تأجير الشباب، لأن هذا الرجل وهو صحابي حصل منه الزنا بامرأة من استأجره، فإذا كان هذا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة فما بالك في عهدنا اليوم، ولهذا نعتبر أن الخدم الذين يكونون في البيوت من أخطر ما يكون على أعراض أهل البيت، كما أن الخادمات اللاتي تكون في البيوت من أخطر ما يكون على أعراض أهل البيت، وقد سمعنا قضايا مفزعة مشينة تجري من الخدم الذكور والإناث لا يليق بنا أن نتكلم بها في هذا الموضع