في الضربة واللطمة ونحوهما؛ لعموم قوله تعالى:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}[البقرة: ١٩٤]. وقوله:{وجزؤا سيئة سيئة مثلها}[الشورى: ٤٠]. ولكن بشرط أن يؤمن التعدي في الاستيفاء بحيث يكون القصاص على يد شخص نعلم أنه لا يزيد؛ لأن هناك فرقًا بين الضرب الخفيف والضرب الثقيل، وهذا القول هو الصحيح أن القصاص ثابت في الضرة واللطمة وشق الثوب لعموم الأدلة الدالة على جواز ذلك؛
فإذا قال قائل: لماذا لم يقتص النبي صلى الله عليه وسلم إذا قلتم بثبوت القصاص في اللطمة ونحوها فلماذا لم يقتص النبي صلى الله عليه وسلم للخادم؟
فالجواب: إما أن يقال: إنه لما كان هذا الفعل صادرًا عن قوة الغيرة والإنسان لا يملك نفسه عند قوة الغيرة عفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وإما أن يقال: إن الخادم لم يطالب بحقه، وإما أن يقال: هذه قضية عين يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم استسمح الخادم، ويحتمل أنه أعلمه وسامح هو بنفسه، ويحتمل احتمالات أخرى، وقضايا الأعيان لا تقضي على عمومات الكتاب والسنة.
ومن فوائد الحديث: سعة حلم النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث لم يوبخ هذه الفاعلة على ما فعلت وجعل يضم القصعة المكسورة ويضع الطعام فيها.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الشيء المثلي يضمن بمثله سواء كان مكيلاً أو موزونًا أو معدودًا أو مذروعًا أو مصنوعًا أو غير ذلك، وجهه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حبس المكسورة، وأرسل الصحيحة، وهذه القاعدة، أي: أن الشيء المثلي يضمن بمثله والمتقوم يضمن بقيمته، قاعدة متفق عليها في الجملة، ولكن ما هو المثلي وما هو المتقوم؟ قال بعض العلماء: المثلي كل مكيل أو موزون ليس فيه صناعة مباحة يصح السلم فيه، "كل مكيل أو موزون" هذا الجنس، "ليس فيه صناعة مباحة"، هذا النوع "يصح السلم فيه" هذا أيضًا للنوع، مثل البر هذا مكيل، مثل اللحم، سكر هذا موزون، ليس فيه صناعة مباحة، فإن كان فيه صناعة مباحة خرج عن كونه مثليًا بسبب الصناعة كالحديد فإنه - قبل الصناعة - موزون، لكن إذا صنع منه الأواني خرج عن المثلية وصار متقومًا فإن كانت الصناعة حرامًا كما لو صنع من الذهب فإن هذه الصناعة حرام لم يخرج عن كونه مثليًا؛ وذلك لأن هذه الصناعة لا قيمة لها فلا تخرجه عن أصله، "يصح السلم فيه"، احترازا مما لا يصح السلم فيه مثل المكيلات المختلفة كبر اختلط في شعير وما أشبه ذلك مما لا