للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: إذا جاء عموم ثم فرع عليه بذكر حكم يختص ببعض أفراده فإنه لا يقتضي التخصيص، ولهذا قال الجميع في قوله تعالى: {والمطلقت يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروءٍ ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر} [البقرة: ٢٢٨]. قالوا: إن الآية عامة في البوائن والرواجع، يعني: يشمل المطلقة ثلاثًا والمطلقة واحدة، يعني: "أل" في المطلقات من ألفاظ العموم ولم يقولوا: إنه خاص بالرجعيات؛ لأنه فرع عليه قوله: {وبعولتهن أحق بردهن} فإن قوله: {وبعولتهن} خاص بالرجعيات ومع هذا قالوا: إن العموم في قوله: {والمطلقت} باق على عمومه شامل لمن بعلها أحق بردها ولمن لا يحق لبعلها في ردها، إذن القول الصحيح أنه شامل لكل شريك باع حصته في مشترك فإن لشريكه أن يشفع، وفهم من قوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق" أنه لا شفعة للجار؛ لأنه إذا وقعت الحدود صار الشريك جارًا وليس شريكًا، يعني: لو أن واحدا أو اثنين شريكان في أرض اقتسماها ووضعا الحدود صار الشريكان الآن جارين؛ لأنه وقعت الحدود، فهذا الحديث يدل على أن الجار ليس له شفعة لأنه وقعت الحدود، لكن الحديث عندنا فيه أمران: وقوع الحدود وتصريف الطرق، فيؤخذ من هذا أنه لو وقعت الحدود ولم تصرف الطرق فالشفعة باقية، مثل أن تكون الأرض ليس لها إلا شارع واحد فقسمت فصار الشارع مشتركًا بين الجارينن فظاهر الحديث أن الشفعة باقية؛ لأنه اشترط أمرين، الأول: وقوع الحدود وبه يثبت الجوار وتنتفي الشركة، يعني: يكون جارًا لا شريكًا، اشترط شيئًا آخر وهو تصريف الطرق فإن بقي الطريق واحدًا فالشفعة باقية، والحكمة من ذلك: أنه إذا بقي الطريق واحدًا فإن الأذى يحصل من الشريك الجديد، في أي شيء؟ في المشاركة في الطريق، كل يوم يوقف سيارته بالطريق، وأحيانًا يوقف أكبر من ذلك ونكون كل يوم في نزاع هذا تعب، هو يقول: أنا شريكك في هذا الطريق ماذا أقول؟ نعم أنت شريكي فيقول: أفعل ما أريد أوقف سيارة أو أي شيء، إذن فيه تعب فحينئذ نقول لهذا الجار: لك الشفعة؛ لأن الحديث يدل على أنه لابد من شيئين: وقوع الحدود، وتصريف الطرق، فإذا وقعت الحدود ولم تصرف الطرق فالحكم باقٍ، والشفعة باقية وعليه فنقول: هذا الحديث يدل على أنه ليس للجار شفعة إلا إذا كان بينه وبين جاره طريق مشترك.

- وفي رواية مسلم: «الشفعة في كل شركٍ: في أرضٍ، أو ربعٍ، أو حائطٍ».

"في كل شرك" أي: في كل مشترك، "في أرض أو ربع أو حائط"، "أرض" واضحة، "ربع": دار "حائط": بستان، فهذه ثلاثة أشياء، أرض بيضاء مشتركة إذا باع أحد الشريكين فلشريكه الشفعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>