للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربع يعني: دارًا مشتركة بين اثنين باع أحدهما نصيبه فلشريكه الشفعة، "حائط": بستان باع أحد الشريكين نصيبه منه فلشريكه الشفعة.

قوله: "لا يصلح"، وفي لفظ: «لا يحل أن يبيع حتى يعرض على شريكه».

لا يحل أو لا يصلح؛ لأن نفي الصلاح نفي للحل وزيادة؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» يعني: لا يحل، "فلا يصلح" كقوله: «لا يحل أن يبيع حتى يعرض على شريكه»، الضمير في قوله: «أن يبيع على الشريك»؛ لأنه قال: "في كل شرك"، إذن لا يحل أن يبيع حتى يعرض على شريكه، فإذا حرج أو ساوم على الأرض وأراد أن يبيع فإنه لا يحل له أن يبيع حتى يعرض على شريكه وينظر هل له نظر في هذا الشخص أو ليس له نظر، ووجه التحريم: أن فيه قيامًا بحق الجار؛ لأن الشريك جار وزيادة، فإذا كان جار له حق فالشريك من باب أولى شريك مخالط مقارب وهذا مخالط، أيهما أعظم حقًا؟ الشريك المخالط، فإذا كان جارك له عليك حق فكذلك الشريك من باب أولى.

ثانيًا: أنه إذا عرض عليه وكان له رغبة كان أهون من أن ينتزعها من المشتري أولاً؛ لأنه إذا اشتراها قبل أن يبيعها شريكه لم يكن هناك أحد ينازع؛ لأنها لم تنقل لأحد.

ثالثًا: أنه ربما إذا اشتراها أحد يتصرف فيها تصرفًا يمنع الشفعة؛ لأن المشتري لو وقف الأرض التي اشتراها امتنعت الشفعة؛ لأن الوقف لا يمكن بيعه فيفوته هذا النصيب.

رابعًا: أنه إذا عرض عليه واختاره سلم من منازعة المشتري؛ لأن المشتري ربما ينازع يكون عنده قوة فيحصل عداوة بين المشتري وبين الشريك، ومن أجل هذه المصالح حرم النبي صلى الله عليه وسلم على الشريك أن يبيع حتى يعرض على شريكه، لكن إن باع فهل يصح البيع أو لا يصح؟ البيع صحيح مع الإثم، وذلك لأن النهي هنا لا يعود إلى معنى في العقد، وإنما يعود إلى حق الغير فلم يمنع صحة البيع، فالبيع صحيح لكنه قد فعل إثمًا والبيع هنا لا يسقط حق الشريك من الشفعة إلا أن يتصرف المشتري تصرفًا يمنع الشفعة فحينئذ يضيع حقه.

- وفي رواية الطحاوي: «قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفة في كل شيءٍ». ورجاله ثقات.

في رواية مسلم: «الشفعة في كل شرك»، ثم أبدل من هذا العموم بعضًا من كل فقال: «في أرض أو ربع أو حائط»، وهذا يسمى بدل بعض من كل في إعادة العامل وهو "في"؛ لأنه لو كان بدلاً بدون إعادة العامل لقال: في كل شرك أرض أو ربع أو حائط لكنه بدل بإعادة العامل، فهل البدل يخصص المبدل منه؟ ينبني على ما سبق، وقد يقول: إنه لا يخصص، وأن المراد بهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>